من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الطلاق وما يلحق به

صفحة 459 - الجزء 1

  تطليقات، وحرم الطلاق في حيض أو في طهر قد جومعت المرأة فيه و ... إلخ.

  نعم، حكم الطلاق الواقع على المرأة في طهر قد جومعت فيه حكم الطلاق في الحيض، ولا خلاف في أنه بدعي، وكذلك حكم الطلاق ثلاثاً دفعة واحدة هو طلاق بدعي، فإذا قال الرجل لزوجته أنت طالق ثلاثاً وقع الطلاق وحصل الفراق.

  فإن قيل: لماذا حكمتم هنا بوقوع طلاق المطلق ثلاثاً وهو طلاق بدعي؟

  قلنا: وقع الطلاق بقوله: أنت طالق، وكان قوله: «ثلاثاً» لغواً؛ فتقع تطليقة واحدة، وهذا المذهب هو الذي قامت عليه الأدلة واستقامت، وإليك شرح ذلك وبيانه، فنقول:

  إن الله سبحانه وتعالى قد جعل للزوج وفي يده ثلاث تطليقات بلا خلاف كما دل عليه الكتاب الكريم.

  والطلاق: هو حلّ عقدة النكاح، فإذا طلق الرجل زوجته فقد حل عقدة النكاح، والله سبحانه وتعالى قد جعل للزوج أن يحل هذه العقدة ثلاث مرات، فإذا قال الرجل لزوجته: أنت طالق ثلاثاً فقد حل هذه العقدة حلاً واحداً، وسرح زوجته عن حبسه تسريحاً واحداً، فلم يَحِلَّ الزوج بقوله ذلك إلا عقدة واحدة، والله تعالى قد جعل له الْحَلَّ ثلاث مرات، ولا يكون حَلٌّ إلا بعد عقد.

  فمن هنا فتكون البدعة في قول الرجل لزوجته: «هي طالق ثلاثاً» هي قوله: ثلاثاً؛ فيكون ذكره للثلاث بدعةً باطلة، لا حكم لها ولا تأثير لذكرها، ولا يجوز للزوج ذكرها؛ لما فيها من مخالفة تأديب الله تعالى ورسوله، ولما يترتب على ذلك من: الاشتباه والتلبيس، والخلاف والاختلاف، والتوهم والإيهام، فيقع الزوجان حينئذ في حيرة، ويختلف عليهما المفتون، وربما أدى الحال إلى الفتنة والقتال وحصول ما لا يحمد عقباه، وذلك أن أهل المرأة قد يزوجونها مع إصرار الزوج على أنها زوجته بمقتضى ما حصل عليه من الفتوى، فتقع حينئذ الفتنة، وكل هذا مترتب على مخالفة آداب الإسلام وشريعة القرآن.