من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الطلاق وما يلحق به

صفحة 458 - الجزء 1

  وبأنه مذهب الأكثر من العترة ومن الأمة.

  هذا، ويترجح قول الأقل من العترة والأمة وهم القائلون بعدم الوقوع: بأن قولهم مبني على أصول مسلَّمة ومتفق عليها كحديث: «... ولا قول ولا عمل ولا نية إلا بإصابة السنة» عند أهل البيت $، وكحديث: «كل ما ليس عليه أمرنا فهو رد» عند أهل السنة، ولاتفاق المختلفين على تسميته «طلاقاً بدعياً»، وأنه طلاق محرم، وفاعله عاص آثم، وأن الأصل بقاء النكاح عند الجميع.

  يقول الأصوليون: إن النهي يدل على فساد المنهي عنه، بمعنى أنها لا تترتب آثاره المطلوبة منه عليه، ويعني ذلك: أنه لا اعتداد به، ومن أمثلته في القرآن قوله تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ}⁣[البقرة ٢٣٥]، وغير ذلك كثير، وفي السنة من أمثلته كثير نحو: «لا يَنْكِحْ الْمُحْرِم ولا يُنْكَح»، «لا تُنْكَح المرأة على عمتها أو خالتها»، «لا تبيعوا البر بالبر إلا مثلاً بمثل يداً بيد»، وغير ذلك كثير.

  نعم، قد ثبت أن الشرائع مصالح كما ذكره أهل الأصول، فإذا ورد في الشريعة النهي عن شيء فإنما هو لما يتضمنه ذلك المنهي عنه من المفسدة، وهذه المفاسد لا يريدها الله تعالى ولا يرضاها؛ بدليل: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ}⁣[البقرة ١٨٥]، فمن هنا يكون النهي عن طلاق البدعة هو لما يتضمنه من المفسدة، فيكون الطلاق البدعي وما يترتب عليه غير مراد لله، وهو تطويل العدة أو نحو ذلك كتضرر الزوجين، وإذا كان ذلك غير مراد الله فكيف يوجبه؟ وقد ثبت عند أهل الحق أن الله لا يأمر بما لا يريد.

  هذا، والطلاق سبب شرعي تترتب عليه أحكام شرعية، والدليل على أن الطلاق سبب شرعي أن الطلاق كان في الجاهلية له أسباب منها: الظهار، ومنها: الطلاق، وكان الرجل في الجاهلية يطلق ثم يراجع، ثم يطلق ثم يراجع، وهكذا إلى غير حد، فلما جاء الإسلام أبطل الطلاق بالظهار، وجعل في يد الزوج من الطلاق ثلاث