[طلاق الرجل زوجته ثم مراجعتها ثم طلاقها]
  فرأيا أن لا مجال لإصلاح شأنهما إلا الفراق والطلاق فإنهما يحكمان به، فإذا حكما به، وطلق الزوج - لم يكن له أن يراجعها؛ لأن الحكم ألزم الزوج بفراقها ما دام أمرهما على تلك الحال التي كانت قبل الطلاق، وحينئذ فتكون مراجعة الزوج نقضاً للحكم وإبطالاً له، لما بين الحكم بالطلاق والفراق وبين المراجعة من المنافاة.
  وهكذا يكون الحكم فيما إذا كان الحاكم هو الذي حكم بالفراق بين الزوجين أو الحاكم المحكم.
  ويلحق بهم الوسطاء الذين احتسبوا للتدخل فيما بين الزوجين؛ فإن إلزامهما للزوج بالطلاق يكون بمنزلة الحكم، وقد قال أهل المذهب: إن من صلح لشيء ولا إمام - فعله.
  وبما ذكرنا يتبين لك أن مراجعة الزوج بعد الحكم عليه بالطلاق غير صحيحة، وهكذا ما ترتب عليها من طلاق.
  - أما إذا طلق الزوج زوجته من غير ما بأس بين الزوجين، ثم راجع في مجلس الطلاق، ثم أتبعها بطلاق، ثم راجع، ثم أتبع المراجعة بالطلاق، وأراد بهذا الصنيع أن يحول بين نفسه وبين مراجعة زوجته، فنقول: إن المراجعة غير صحيحة، بيان ذلك بالإضافة إلى ما تقدم:
  جاء في الحديث: «لاعمل إلا بنية»، «إنما الأعمال بالنيات»، ولا خلاف في ذلك، ولا شك أن من ذكرنا ليس له نية في رجوع الزوجة، ولا قصد له إلى ذلك، وليس له في نفسه داع إلى رجوعها، ولا رغبة له في رجوعها، وإنما يراجع زوجته بعد الطلاق مراجعة بلفظ خالٍ عن معنى المراجعة باعترافه وإقراره.
  فإن قيل: لم يشترط العلماء في صحة المراجعة النية والقصد، وإنما علقوها باللفظ من دون مراعاة أي قيد.