من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

طلاق الدور والتحبيس

صفحة 478 - الجزء 1

  تركيبه؛ فإن الجواب فيه متقدم على الشرط، وهذا محال لا يصح في العقول، وإذا لم يصح في العقول فلا يترتب عليه شيء من الأحكام؛ فمن هنا قال في الأزهار: ولا يصح التحبيس ...

  أما الدور فقد قال أهل المذهب: إنه يدخل الطلاق ... والمختار - كما هو رأي كثير من فقهاء المذهب وكثير من أئمة أهل البيت $ - أن الدور باطل، وأنه لا يمنع من وقوع الناجز.

  هذا، وإنما عدلنا إلى هذا الرأي لأمور:

  ١ - أن طلاق الدور بدعة حادثة في الإسلام، وفي الحديث: «وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار».

  ٢ - أن الله تعالى أمر بمفارقة الأزواج عند الضرار وسوء العشرة، فقال تعالى: {فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}⁣[البقرة ٢٢٩]، {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ}⁣[الطلاق ٢]، {وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ}⁣[البقرة ٢٣١].

  وشرع الله تعالى للزوجة أن تفتدي نفسها من وثاق الزوج إذا كرهت مصاحبته ومعاشرته.

  فإذا كان الدور حائلاً ومانعاً دون ما شرعه الله تعالى ومتنافياً معه - فيجب رده وإبطاله وإزاحته من طريق ما شرعه الله تعالى.

  ٣ - يقول الله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا}⁣[النساء ٣٥]، فمع الدور لا يتأتى العمل بمضمون هذه الآية.

  نعم، قد يكون هناك حالة يكون للدور فيها وجه شرعي مبرر لصحته، وهي: فيما إذا استعمله صاحبه مثلاً خوفاً من بوادر الغضب؛ ليكون حائلاً ومانعاً للطلاق في حالة الغضب، فإنه في هذه الحال - وإن كان بدعة - قد يكون رخصة لأهل الطيش