من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الطلاق وما يلحق به

صفحة 485 - الجزء 1

  «أنت طالق ثلاثاً متخللات الرجعة» المعنى الذي تفيده هذه العبارة من الناحية اللغوية: أن الثلاث الطلقات موصوفة بالدخول في الرجعة، أي: أن أجزاء الطلقات الثلاث داخل في أجزاء الرجعة، وذلك يقتضي أن الرجعة سابقة في وجودها على الطلاق، أو على الأقل يقتضي أن الرجعة مقارنة للطلاق.

  وإنما قلنا ذلك لأنه أنشأ طلاقاً متصفاً بصفة موجودة في الطلاق الذي أنشأه، والطلاق والرجعة متنافيان لا يمكن اجتماعهما في لحظة واحدة، ولا يتأتى إنشاؤهما في وقت واحد لزوجة واحدة، مع أن لفظة الرجعة في المثال لفظ مفرد لا يستفاد منه إلا رجعة واحدة.

  - وإذا نظرنا إلى «ثلاثاً متخللات الرجعة» من الناحية العرفية لا من حيث الوضع اللغوي فيحتمل أن المراد أن الثلاث الطلقات موصوفة بأن الرجعة تتخللها، وهذا المعنى عكس المعنى اللغوي، وفرق بين «الثلاث تتخلل الرجعة» وبين «الرجعة تتخلل الثلاث».

  ولعلهم يقصدون هذا المعنى الأخير؛ لأن الرجعة هي التي تتخلل الثلاث، وليست الثلاث تتخلل الرجعة. ألا ترى أن الطلقة الأولى والطلقة الثالثة ليستا متخللتين للرجعة.

  وعلى كلا التقديرين فإنشاء الطلاق المتصف بتخلل الرجعة غير معقول؛ لما بين الطلاق والرجعة من التنافي، وبناءً على ذلك فلا تصح الرجعة؛ لأنه لا يصح إنشاء طلاق متصف من حين إنشائه بالرجعة.

  - وإذا فرضنا وكان الغرض والقصد من قول القائل: أنت طالق ثلاثاً متخللات الرجعة هو أنت طالق ثلاثاً بين كل طلقتين رجعة أو بعد كل طلقة رجعة، أو أنت طالق ثلاثاً وأنا مراجع بعد كل طلقة، أو ورجعتي لك ثابتة بعد كل طلقة - فذلك غير مقبول من حيث إن تلك العبارة التي هي: (أنت طالق ثلاثاً متخللات الرجعة) عبارة إنشائية يراد بها إيقاع طلاق بعده رجعة ثم طلاق