[من شروط الطلاق]
  الكلام للإمام الهادي #، وأظنه نقل ذلك عن ضوء النهار، فما قولكم في ذلك؟ لا برحتم في خير وعافية.
  الجواب: مراد أهل المذهب أن الذي يراجع زوجته من غير إرادة الإصلاح أو من أجل مضاررتها آثم وعاص لله، والمراجعة صحيحة وإن كان آثماً، وهذا محل وفاق، ولعلهم حكموا بذلك لأن إرادة المضاررة من الزوج بالرجعة أمر خفي لا يتأتى الإطلاع عليه، ولا الكشف عنه في الغالب؛ لما جبل عليه الناس من الستر على أنفسهم.
  والذي يطلق ثلاثاً متخللات الرجعة ليس فيه ضرر على الزوجة إلا مثل ضرر الطلقة الواحدة، ولعل قصد الزوج ونيته بمثل ذلك الطلاق هو البينونة وقطع العلاقة تماماً؛ لأغراض أخر غير المضاررة، مثل السلامة من أذاها وشؤمها.
  وقد تكون رغبة الزوج فيها قليلة، وإذا طلقها واحدة فقد تتوسط الوسائط فيردها حياءً.
  والذي يظهر لي في المسألة أن مثل ذلك الطلاق لا يقع منه إلا طلقة واحدة، لا من أجل المضاررة، بل لأنه في الحكم طلاق واحد.
  بيان ذلك: أن الطلاق هو حل عقدة النكاح بلفظة واحدة أو بألفاظ كثيرة، وسواء أكان بلفظ مطلق أم بلفظ مقيد، فقوله: أنت طالق ثلاثاً متخللات الرجعة قد قيد الطلاق بقيدين: ثلاثاً، ومتخللات الرجعة، فتنحل عقدة النكاح بذلك، ويلغى القيدان.
  أما القيد الأول فلأنه لم يرسلها من حبالته إلا إرسالاً واحداً، وقد جعل الله تعالى للزوج أن يرسل زوجته ثلاث مرات.
  وأما القيد الثاني فبطلانه تابع لبطلان القيد الأول؛ لأنه إذا لم يقع إلا طلقة واحدة بذلك بطل التقييد بالثلاث، وقد قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}[البقرة ٢٢٩]، وهذا لم يطلق إلا مرة واحدة.