حقيقة البيع
  ومن شأن المبيع أن لا تدخله الجهالة غالباً، وأن يكون للمشتري غرض في عينه، فكان اشتراط التعيين في المبيع دون الثمن تابعاً لذلك، وبهذا الاشتراط يتحقق التراضي المشروط في التجارة بنص القرآن؛ لأن المشتري لا يرضى بالسلعة إلا إذا عرفها بعينها، والبائع يرضى بالثمن من النقدين، ولا غرض له في تعيينه.
[حكم الشروط المستقبلة في العقود]
  الشروط المستقبلة تبطل العقود، فلا يصح عقد نكاح ولا بيع و ... إلخ إذا تعلق بشرط مستقبل، وذلك أن من شأن العقود الانبرام في الحال، وتعليقها بالشروط المستقبلة ينافي ذلك.
  أما إذا جيء بالشروط على صفة العقد نحو: «زوجتك على أن تطلق فلانة» صح العقد؛ لأن الشرط جاء بصيغة العقد، وصيغ العقد: (على، والباء، واللام).
  وأما الشروط الحالية فتصح معها العقود نحو: «بعت منك إن كنت ابن فلان»؛ لعدم المنافاة، وهكذا الشروط الماضية؛ لعدم المنافاة، وإن كان قد مضى الشرط؛ لأن اتصاف المعقود له بالفعل الماضي ثابت له حال العقد نحو: «بعت منك إن كنت فعلت كذا وكذا».
[فائدة في الخيار ما لم يتفرق البيعين]
  حديث: «إذا تبايع الرجلان فكل واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا»، حديث صحيح رواه البخاري ومسلم، ورواه أئمة الزيدية: زيد بن علي # في المجموع، ورواه أحمد بن عيسى، وفي شرح الأحكام، وذكره الهادي $ جميعاً.
  غير أنه وقع الاختلاف في معنى التفرق؛ فقالت الهدوية والجم الغفير من علماء الزيدية والحنفية وغيرهم: إن المراد بالتفرق هو التفرق بالقول، فإذا تفرق المتبايعان بالقول الذي هو الإيجاب والقبول فلا خيار إلا ما شرط.
  وقال كثير من الأئمة والعلماء: إن المراد التفرق بالأبدان، فالخيار ثابت بعد الإيجاب والقبول إلى أن يحصل تفرق البائع والمشتري بأبدانهما.