حقيقة البيع
  قلت: الذي يظهر لي - والله أعلم - أن المراد التفرقُ بالأبدان، وذلك أنه بعد الإيجاب والقبول ربما ندم أحد المتبايعين فجعل له الشارع الحكيم مهلة المجلس يمكنه فيها أن يتدارك ما فعل، وهذا هو ظاهر الحديث؛ فإن قوله: «إذا تبايع الرجلان» يدل على وقوع الإيجاب والقبول، وقوله: «فكل واحد منهما بالخيار» مترتب على ذلك بالفاء، والخيار إنما يكون بعد البيع.
  أما على القول الأول فلم يظهر فائدة للحديث؛ لأنهم جعلوا الخيار المذكور في الحديث للمتبايعين ثابتاً لهما قبل حصول العقد منهما، أما بعد حصوله فلا خيار.
  وإنما ترجح عندي القول الثاني لأمور:
  ١ - لما فيه من التوسعة للبائع والمشتري، فربما ندم أحدهما بعد العقد، فيمكنه أن يتلافى ما ندم عليه.
  ٢ - إبقاء الحديث على حقيقته، في حين أن القول الأول يخرج معنى المتبايعين عن حقيقته إلى مجازه الذي هو المتساومان.
  ٣ - أن فيه حصول معنى مستقيم للحديث، في حين أن القول الأول لا يتحصل عليه معنى مستقيم.
[متى يتعيّن النقد]
  في حواشي شرح الأزهار: واعلم أنهم متفقون أن النقد يتعين فلا يجوز إبداله في الهبة والصدقة والصلح والنذر والوصية والشركة والمضاربة والوكالة والوديعة والغصب، فلو أبدله بغيره أَثِمَ، ولا يلزمه رد العين حيث خرجت من يده بل مثلها™ عند الهدوية. وقد نظمها بعضهم فقال:
  تعين النقد في صلحٍ وفي هبةٍ ... وصيةٍ ثم نذرٍ ثم في الصدقهْ
  مضاربٍ ووديعٍ ثم غصبهم ... وكالةٍ ويمينٍ شركةٍ لِثَقَهْ
  وفي البحر: أنه لا يتعين في الوكالة. (é) تمت. إلا أن ينهاه عن الشراء بغيرها أو يكون له غرض بتعيينها، كأن يكون من جهة حلال فإنها تتعين. تمت (é). انتهى من الحواشي(١).
(١) حاشية شرح الأزهار ٢/ ١٧٧، ١٧٨.