من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب البيوع وما يلحق بها

صفحة 19 - الجزء 2

  بالإرث، بل يكون الحق للباقي من أهل القرية أو القبيلة.

  فإذا تراضى أهل الحق العام جميعاً على قسمته بينهم على الغارم أو على الذكير، ثم قسموه كذلك، وحاز كل واحد نصيبه من الحق - صار حقاً خاصاً، أما قبل ذلك فليس لأي واحد من أهل الحق العام أي حق خاص.

  فالذي يبيع حقاً خاصاً قبل وجوده وحصوله بناءً على أمل حصوله في المستقبل بعد وقت قد يطول وقد يقصر - يكون بيعه باطلاً؛ لاختلال أحد أركان البيع.

  إلا أن البلوى قد عمت بحصول مثل ذلك البيع، والحكم بالبطلان سيؤدي بلا شك إلى فتح باب فساد كبير يعم البلاد، والواجب يُتْرَك إذا كان فعله سيؤدي إلى فساد أعظم من المصلحة التي في فعل الواجب، وحينئذ فلا بد من حل لهذا الخلاف.

  والحل إما بالسعي في الصلح بين المتنازعين، فإن نجح السعي بالصلح وإلا ألزم البائع بأن يعطي المشتري من الحبل بقدر ما استلم من الفلوس لا غير، فإن كان قد استلم الثمن كله أعطاه المبيع كله، وإن لم يكن أعطاه شيئاً فلا شيء.

  وإنما قلنا ذلك من باب النظر والاجتهاد حين تعذر الحكم كما تقدم؛ لأسباب:

  ١ - أنا ألحقنا هذه المسألة بباب الالتزام، فالمشتري دفع مقداراً من الفلوس للبائع، والبائع التزم للمشتري أن يعطيه كذا كذا من الحبل؛ فإذا أوفى المشتري بالتزامه حسبما التزم - وجب على البائع أن يوفيه بما التزم حسبما التزم، وإذا أخل المشتري بالتزامه لم يلزم المشتري الوفاء بالتزامه. ودليل ذلك قوله تعالى: {فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ}⁣[التوبة: ٧].

  ٢ - أن العامة دخلوا في مثل هذا البيع بكثرة، واعتقدوا صحته، وقد قالوا: إن الواجب حمل معاملة المسلمين على الصحة ما أمكن.