من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حقيقة البيع

صفحة 26 - الجزء 2

  فإن قيل: الظاهر فيمن يده ثابتة على شيء مَّا أنه ملكه، وقضاة المسلمين يحكمون بالملك لذي اليد مع عدم المنازع.

  قلنا: يتزعزع هذا الظاهر ويضعف لِوجود الأمارات الدالة على أن المعروض للبيع منهوب أو مغصوب.

  ودلالة اليد على الملك ظنية، والأمارات الدالة على الغصب والنهب ظنية أيضاً، وإذا اجتمع دليل الجواز ودليل التحريم ترجح العمل بالتحريم.

[هل يجوز شراء سيارة من قطاع الطريق]

  سؤال: هل يجوز للرجل أن يشتري سيارة مثلاً من قطاع الطريق وهو يعلم أنهم أخذوها غصباً على صاحبها ... إلخ؟ وهذا السؤال من بعض أهل الجوف.

  الجواب: أن ذلك لا يجوز في دين الإسلام ولا يحل، وذلك أن السيارة المغصوبة ما زالت في ملك صاحبها فمن اشتراها من الغاصب فقد ضيع ماله، وأدخل نفسه في جريمة الغصب، وشارك الغاصب في أخذ مال الغير بغير حق، فبذلك يكون المشتري قد خسر المال الحلال، واستبدل به المال الحرام، {خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ ١١}⁣[الحج].

  هذا، وقد يجادل مجادلهم فيقول: لا بأس علي فيما فعلت، وذلك لأني اشتريت السيارة بحقي ما تقطعت ولا اغتصبت.

  فنقول رداً عليهم: إنه مما لا شك فيه أن الله تعالى قد حرم أموال المسلمين بعضهم على بعض، إلا ما طابت به نفس صاحبه ببيع أو هبة أو نذر أو صدقة أو ... إلخ، وجاء في الحديث: «ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا ...» إلى آخر حديث عرفة المشهور.

  وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ..}⁣[النساء ٢٩]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ..}⁣[النساء ٥٨].