من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 68 - الجزء 2

  أن يقترض ما يزيل تلك الضرورة لا غير؛ فقد جاء: عند الضرورة تباح المحظورات، وقال تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام ١١٩].

  نعم، مما يدل على تحريم ما ذكرنا: قوله تعالى في المؤكل للربا: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ}⁣[الروم ٣٩].

[الشراء من البنك الزراعي]

  سؤال: تباع في البنك الزراعي آلات زراعية بنصف الثمن الذي تباع به مثيلاتها في السوق، غير أن البنك لا يبيعها من المزارعين إلا بالدين على آجال معينة، يأخذ البنك من أجل ذلك فوائد؛ فهل يجوز الدخول في ذلك أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أن الظاهر في ذلك الصنيع هو التحريم؛ لأنه على صورة الربا، فينبغي للمؤمن أن يتجنبه ولا يدخل فيه، وفي الأثر: «المؤمنون وقّافون عند الشبهات»، و «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك»، مع ما في ترك الدخول في ذلك من السلامة والاحتياط.

  فإن قيل: العلة في تحريم الربا هي لما فيه من أكل أموال الناس بالباطل، ولما اشتمل عليه من الظلم، قال تعالى في سياق آيات الربا: {فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ ٢٧٩}⁣[البقرة]، فإذا كان الأمر كما ذكر في السؤال فلا ظلم ولا زيادة إلا إذا تجاوزت الفوائد الثمن الحقيقي للسلعة، فإذا كان دون ذلك فلا ظلم، وعلى ذلك فيجوز الدخول في ذلك البيع بالنسبة للمشتري والبائع.

  قلنا: الربا معصية عظيمة، وشأنها عند الله كبير، ومن هنا يقول سبحانه وتعالى في كتابه متوعداً أهل الربا: {فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}⁣[البقرة ٢٧٩]، ومعصية بهذه الدرجة من الكبر يجب الابتعاد عنها كل الابتعاد، وأن يحتمى منها غاية الاحتماء، و «من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه»، وكفى بصورة الربا رادعاً للمسلم عن الدخول في ذلك أو مقاربته.