من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[باب الربويات]

صفحة 72 - الجزء 2

  الجواب والله الموفق: أنه لم يظهر لي أن هذه المعاملة من باب القرض وجر منفعة الذي هو باب من أبواب الربا، وذلك أن المنافع التي يستفيد منها صاحب رأس المال هي من فوائد وأرباح رأس ماله الذي هو نصف المال المدفوع.

  فإن قيل: إن القرض مشروط بأن يتجر المقترض في نصيبه ونصيب المقرض، ويكون للمقرض نصف الربح.

  قلنا: المنفعة تلك مشتركة بين الطرفين، وذلك أن رأس المال إذا كثر كثرت الأرباح وتضاعفت.

  وبيان ذلك: أن الرجل قد يجد سلعة كبيرة أو صبرة مربحة فيرغب في شرائها وليس عنده إلا نصف الثمن، فإنه يطلب ممن يدفع له نصف الثمن الآخر ويكون له نصف الربح من غير أن يعمل معه أي عمل، ثم إذا حصلت الأرباح قسمت نصفين، ولا إشكال في صحة هذا وجوازه، وهذا المثال يبين صحة وجواز المعاملة التي ذكرنا.

  فإن قيل: إن دافع الفلوس لم يقرض العامل نصفها إلا ليتجر له في النصف الآخر، ويعطيه ربحه خالصاً، من غير أن يكون للعامل في مقابلة عمله أي منفعة تجارية.

  قلنا: الطرفان كلاهما منتفع فلكل طرف منهما نصف ربح المال المدفوع، فهما مستويان في المنفعة، وهذه المعاملة كالمضاربة تماماً، إلا أن صاحب المال أقرض العامل نصف المال المدفوع لمصلحة عائدة إلى الطرفين، وهي أن العامل سيكون أكثر اهتماماً وحرصاً في تجارته ومعاملاته إذا علم أنه سيكون شريكاً في الخسارة.

  - وقد قال أهل البيت كما في شرح الأزهار وحواشيه: إنها إذا استوت المنفعة - أي منفعة المقرض والمستقرض - جاز القرض وصح، هذا معنى ما هناك، والله أعلم.