[باب الربويات]
  الذي يحمل فلوسه ويسافر للتجارة، فإن الأوراق ذات الفئة المرتفعة أخف حملاً بالنسبة له، ويمكنه إخفاؤها وسترها عن أعين الطامعين، بخلاف الأوراق ذات الفئة النازلة.
  ولكنه يشترط أن يكون التبايع يداً بيد، أما بالدين فلا يصح ذلك ولا يجوز؛ لما فيه من الذريعة إلى الربا، فإن الْمُرْبي سيجعل مثل ذلك وسيلة لأخذ الربا، فيبيع مثلاً أوراقاً جديدة بأوراق بالية ديناً، ويقول: الزيادة في مقابلة زيادة الصفة، وفي الواقع إنما يريد أن الزيادة في مقابلة الأجل.
  حتى ولو كان قصد البايع أن الزيادة في مقابل زيادة الصفة فإن ذلك لا يجوز لأن المشتري عادة إنما يرضى بالزيادة ويتساهل في مقدارها لأجل الدين.
  فإن قيل: لم جاز ذلك في العملة الورقية دون عملة الذهب والفضة؟
  قلنا:
  ١ - لأن العملة الورقية ليس لها في ذاتها قيمة وإنما قيمتها اعتبارية، فذات الورقة ليس لها قيمة، بخلاف الذهب والفضة.
  ٢ - ليست العملة الورقية مما يكال أو يوزن، وليس له قيمة بهذا الاعتبار، وما كان كذلك فليس من الأموال الربوية.
  ٣ - الأوراق المتعامل بها قيمية وليست مثلية والربا لا يدخل القيميات.
  فمن هنا قلنا بجواز ما تقدم من المعاملة.
  إلا أنا جعلنا لها أحكام النقدين (الذهب والفضة) في المبايعات والمداينات التي تتضمن الربا، وعلى هذا فيجوز أن تبيع السلعة نقداً بمائة ألف وخمسة آلاف ريال إن كانت من فئة المائة، وبمائة ألف ريال إن كانت من فئة الألف، وكل هذا إذا كان الثمن نقداً، ولا يجوز ذلك ديناً لما ذكرنا من احتمال أن الزيادة إنما كانت في مقابل الأجل.
  ولا مانع أن يرضى الموظف على نفسه بنقص خمسمائة مثلاً على أن يُعطى من فئة الألف، أو أن يتراضى هو والمسؤول بزيادة خمسمائة على أن يأخذ من فئة المائة.