[باب الربويات]
  ولا شك أن المحتكر إذا كلف بالبيع وأرغم عليه، وحددوا له سعراً لا يرضاه، ومنعوه من الزيادة عليه - أنهم قد أخذوا عليه شيئاً من غير طيبة من نفسه.
  أما سائر السلع فجاز فيها التسعير؛ لأنه لم يكلف صاحب السلعة ببيعها، فله أن يبيع وله ألَّا يبيع، فلم يؤخذ عليه شيء من ماله بغير طيبة من نفسه، فإن رضي التسعير باع، وإن سخطه أمسك السلعة، وليس في إمساكها أخذ شيء عليه من ماله، مع ما في ذلك من المصلحة العامة لجميع الناس.
  بخلاف المسألة الأولى فإنه وإن كان في التسعير مصلحة عامة إلا أنه عارضها وجود مظلمة البائع بأخذ شيء من ماله من غير طيبة نفسه، فافترقت المسألتان.
[شراء الشيك بأقل مما فيه]
  سؤال: ما هو حكم شراء الشيك بأقل مما فيه مع أن مشتريه سيسحبه من البنك كاملاً، وسبب هذه المعاملة أن الشيك قد يكون مؤجلاً، ونحو ذلك؟ ثم ما هو حكم التحويل من بلد إلى بلد بنقص؟
  الجواب والله الموفق: الذي يظهر لي هو الجواز؛ وذلك أن هذا ليس من باب البيع والشراء، وإنما هو من باب (ضعوا وتعجلوا) الذي ورد به الحديث، وقال بصحته وجوازه أهل المذهب.
  فالذي اشترى الشيك إنما تحول الدين المؤجل الذي يضمنه الشيك، وعجل لصاحب الدين حقه في مقابل نقص شيء معلوم، وهذا جائز، وليس من باب الربا.
  فإن قيل: الشيك سند، له حكم العملة الورقية في البنوك، فبيعه بأقل مما فيه محرم: إما لأنه ربا، وإما لأنه صرف، ومن شرط الصرف التساوي.
  قلنا: ما ذكرناه أولى؛ إذ ليس الشيك سوى حوالة مكتوبة من شخص إلى البنك. وبعد، فإن اللازم - كما ذكره أهل المذهب - أن المعاملة إذا احتملت وجه صحة ووجه فساد حملت على الصحة، وقد قالوا: إن الواجب حمل المسلمين في معاملاتهم على السلامة ما أمكن.