[باب البيع غير الصحيح]
[بطلان الحيل التي يتوصل بها إلى محرم]
  «قاتل الله اليهود؛ إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوها ثم باعوها فأكلوا ثمنها» يؤخذ منه: بطلانُ الحيلة التي يتوصل بها إلى تحليل محرم، وتحريمُ بيع ما حرمه الله تعالى، وتحريمُ ثمنه.
  كما يؤخذ منه أن الله تعالى إذا حرم شيئاً حرم الانتفاع به على العموم، فقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}[المائدة ٣]، يؤخذ منه تحريم أكلها وبيعها، وأنه لا يجوز الانتفاع بشيء منها، وهذا ما يسميه علماء الأصول بعموم المقتضي.
[حكم بيع المعاطاة في غير المحقر]
  سؤال: يقول المشتري للبائع: كم سعر هذه الحاجة؟ فيقول البائع: كذا وكذا، فيقول المشتري: أعطنيها، فيعطيه إياها، ويعطيه المشتري الثمن؛ فهل هذا البيع صحيح، مع العلم أنه يقع في أشياء كبيرة غير محقرة؟
  الجواب والله الموفق: الذي يظهر لي أن مثل ذلك البيع بيع صحيح، والدليل على ذلك: قول الله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاض مِنْكُمٍْ}[النساء ٢٩]، فكما قالوا: إن الرضا أمر نفسي فلا بد من لفظ يدل عليه، فهنا قد حصل الدليل الدال على رضا البائع ورضا المشتري، ولم يشترط في الآية سوى الرضا.
  وقد يدل على صحة ذلك: أنه قد جرى على مثل ذلك عمل المسلمين، وما استحسنه المسلمون فهو عند الله حسن.
  وبعد، فما قلنا هو مذهب الإمام المؤيد بالله والإمام المنصور بالله @ كما في شرح الأزهار(١)، وقد رأيت للإمام المهدي محمد بن القاسم الحوثي # أنه لا يعتبر في صحة البيع ألفاظ العقود المعهودة، بل كل ما يدل على الرضا كخُذْ وشِلّها، ونحو ذلك مما يدل على الرضا.
  هذا، وقد يؤيد ما ذكرنا ما يقال في القاعدة المشهورة: (إنه يجب حمل معاملة المسلمين في عقودهم على الصحة ما أمكن).
(١) شرح الأزهار ٣/ ١٤٢.