من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

فائدة (في الحيل الشرعية)

صفحة 118 - الجزء 2

  ٢ - وكل حيلة توصل بها إلى محظور فهي محرمة غير صحيحة كالحيل الموصلة إلى الربا والرشا وإبطال حق الوارث والشفيع ونحو ذلك.

  وكذلك المخرجة من الواجب مع الإمكان على الإتيان به؛ لأنه إنما جاز مع التعذر للدليل، وهو قوله ÷: «إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»، انتهى.

  قلت: الذي يظهر لي - والله أعلم - أن الحيلة التي تكون لصرف الواجب المتوقع وجوبه جائزة، غير أنه يشترط أن تكون الحيلة في نفسها جائزة، فتمثيله للضابط المحرم بإبطال حق الشفيع تمثيل غير صحيح، وذلك أن حق الشفيع لم يكن قد وجب وقت الحيلة، وإنما هو متوقع؛ فالحيلة إنما كانت للحيلولة دون وجوب حقه، فلم يبطل بها حق واجب.

  والدليل على ما ذكرنا من جواز الحيلة التي تكون لصرف الواجب المتوقع وجوبه: هو أن الله تعالى إذا أباح شيئاً فإنه تعالى قد أباح كل ما يترتب عليه، فحين أباح تعالى السفر فقد أباح بسببه إفطار نهار رمضان، وقصر الصلاة، وجمعها، والتيمم.

  وكذلك أباح الله تعالى الهبة والصدقة، بل ندب إلى ذلك، فإذا وهب الرجل أو تصدق على آخر بجزء مشاع من أرضه ثم باع بقية الأرض منه فلا حرج عليه في ذلك؛ لأنه لم يأت شيئاً حرمه الشرع، ولم يمنع أحداً من حق.

  فإن قيل: إن الطاعة الخالصة إذا كانت سبباً في قتل مؤمن أو هتك عرضه فإنها حينئذٍ تكون حراماً، وذلك نحو أن يسألك الظالم مثلاً عن فلان المؤمن وأنت تعلم أنه يريد قتله؛ فإن الصدق في هذه الحالة عن الإخبار به يكون حراماً، وكذلك إذا خشي المسلم من استعمال الماء الهلاك فإن استعماله حينئذ يكون حراماً.

  قلنا: المعاصي التي تكون معاصي على الإطلاق وفي جميع الأحوال يكون ما أدى إليها معصية.

  وبعد، فالذي يظهر لي أن التوصل بالحيل إلى ترك واجب أو فعل محظور