من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم الجعالة على الكفالة في ثمن مبيع]

صفحة 133 - الجزء 2

  والعرف طريقة شرعية في باب المعاملات، ما لم تصادمها النصوص، هكذا قرره العلماء.

  والدليل على صحّة ما قالوه: أن الإسلام جاء والناس يتعاملون بالبيع والشراء والإجارة والمضاربات والهبات والنذور والعارية، و ... و ... إلخ؛ فأقرهم على ما هم عليه، وإنما نهاهم عن جزئيات ومسائل مخصوصة وسكت عن الباقي.

[حكم الجعالة على الكفالة في ثمن مبيع]

  سؤال: رجل تكفل على رجل آخر في ثمن مبيع، وجعل له على ذلك جعالة، فهل يطيب له أكل هذه الجعالة أم لا؟

  الجواب والله الموفق: الذي يظهر لي - والله أعلم - أنه لا مانع⁣(⁣١) من أكل الكفيل للجعالة مطلقاً، سواءً كانت من البائع أم من المشتري، وسواءً أكانت مشروطة أم لا، بعقد أم بغير عقد.

  والدليل على ذلك: أن الأصل في المعاملات الصحة والجواز حتى يرِد دليل المنع إلا في مسائل محدودة كالربويات وما يلحق بها، وكأخذ الأجرة على فعل الواجب وفعل الحرام، وكأجرة المغنية والزانية وثمن الكلب و ... إلخ.

  وليست المسألة المسؤول عنها تشابه شيئاً من ذلك؛ فمن هنا قلنا: إن الأجرة أو الجعالة تحل للكفيل.

  فإن قيل: ما هو الدليل على أن الأصل في المعاملات الصحة والجواز؟

  قلنا: الدليل على ذلك أن الله سبحانه وتعالى جاء بالإسلام والناس يتعاملون بأنواع المعاملات فنهاهم سبحانه وتعالى عن بعض مما كانوا يتعاملون به، وأقرهم على الباقي.

  وهذا بخلاف العبادات، فالصلاة مثلاً لم تعرف إلا من تعريف الله تعالى، فالأصل فيها الفساد حتى توافق أمر الشارع الحكيم، فلا يحكم لها بالصحة حتى يقوم الدليل على صحتها، وكذلك الصيام، والحج، والزكاة، وما يلحق بذلك من العبادات.


(١) وقد ذكر أهل المذهب أنها تحل إذا كان لمثله أجرة. شرح الأزهار ٩/ ٥٢٩.