باب التيمم
  وجه لإلزامه بتأخير الصلاة إلى آخر الوقت؛ لأنه لم يجب التأخير إلا لما يرجى من العافية أو من وجدان الماء، فإذا حصل اليأس من الشفاء في آخر الوقت أو من وجدان الماء فلا فائدة في تأخير الصلاة.
  فإن قيل: الواجب على عادم الماء أن يطلب الماء إلى آخر الوقت؛ فإذا لم يبق من الوقت إلا ما يسع الصلاة تيمم وصلى، وذلك أنه لا يتحقق أنه غير واجد للماء إلا إذا صنع مثل ذلك الصنيع.
  قلنا: نحن إنما جوزنا لعادم الماء أن يتيمم في أول الوقت أو في وسطه إذا كان آيساً من وجود الماء في وقت الصلاة التي وجبت عليه، وذلك كالمسافر في صحاري الربع الخالي أو نحوها من الأرض التي لا يوجد فيها مياه.
  فإن قيل: عادم الماء في مثل تلك الصحاري لا ييأس من وجدان الماء، فلعل الله تعالى ينزل المطر في وقت الصلاة.
  قلنا: إذا كان له رجاء في نزول المطر أخَّر الصلاة، وذلك كأن يكون الوقت وقتاً لنزول الأمطار، وأن تظهر له أمارات نزوله كالرياح واجتماع السحب، فإن لم يكن شيء من ذلك فلا يجب عليه التأخير.
  نعم، إذا صلى الرجل بالتيمم لمرض أو لعدم الماء في أول الوقت مع يأسه من الشفاء أو من الماء في الوقت ثم عوفي في آخر الوقت أو وجد الماء فكيف الحكم؟
  الجواب: أن الأولى - كما يظهر لي - هو قول من يقول بوجوب إعادة الصلاة، وذلك أن المسلم مخاطب بإقامة الصلاة بكامل شروطها إلا من عذر، وهاهنا وقت الصلاة باق، والمريض متعاف، والماء موجود، والأعذار مرتفعة.
  فإن قيل: إنه قد صلى بالتيمم مع حصول اليأس من الشفاء أو من وجود الماء؛ فقد فعل ما أمره الله، وفي الحديث: «لا ظهران في يوم»، فكيف توجبون عليه أداء صلاة الظهر مثلاً في اليوم مرّتين؟
  قلنا: قد شرطنا في صحة الصلاة في أول الوقت باليأس، وهاهنا انكشف