من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب إجارة الآدميين

صفحة 154 - الجزء 2

  نفسه للعقاب والمهانة والاتهام له بالخيانة، وفي الأثر: «من وقف مواقف التهم فلا يلومن إلا نفسه» أو كما قال، و «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقفن مواقف التهم».

  هذا، وإنما جوزنا للفقير أخذ الراتب من دون عمل فيما ذكرنا أولاً لأن ذلك لا يعد في الوقت الحاضر خيانة بشكل عام، بل يعد ذلك حسن سياسة وفطانة وكياسة.

[أجرة العامل على الصدقة]

  في الأزهار وحواشيه: (أن العامل على الصدقة لا يستحق ما فرضه له الإمام بمجرد الفرض، وإنما يستحق منه حسب العمل، أي: ليس له إلا أجرة مثله، فلو أن الإمام فرض له أكثر من أجرة المثل لم يجز له أن يأخذ الزيادة عليها، وكذا قال أهل المذهب في ولاة المساجد والمشاهد والأوقاف، فلا يستحقون من الأجرة إلا على قدر أعمالهم دون ما فرض أو شرط لهم.

  وعللوا ذلك ووجهوه بأن الإجارة هنا فاسدة فساداً أصلياً، ووجه الفساد جهالة العمل والمدة) انتهى.

  قلت: جهالة العمل والمدة تغتفر فيما لم يمكن معرفتهما أصلاً، ويكفي معرفة الغرض، ويحكم للإجارة حينئذ بالصحة، ويأخذ الأجير ما وقع الاتفاق عليه، ويمكن أن يستدل على ذلك بعدة أمور:

  ١ - قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١].

  ٢ - جري عمل المسلمين على المعاملة على مثل ما ذكرنا، وما رآه المسلمون حسناً فهو عند الله حسن.

  ٣ - قد ينزل الغرض منزلة العمل والمدة، كما في النكاح ودخول الحمام، وكما يقوله أهل المذهب فيمن استؤجر إلى بلد كذا مع جهالة المسافة.