من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب إجارة الآدميين

صفحة 153 - الجزء 2

[أخذ مرتب بدون عمل]

  سؤال: أنا طالب علم ولي مرتب من الدولة أستعين به على طلب العلم، فهل يحل لي أكله وأخذه مع أنني لا أعمل أم لا؟

  الجواب والله الموفق: أن الأمر إذا كان كما ذكر في السؤال فإنه يجوز أخذ الراتب وذلك لعدة أمور:

  ١ - أن لكلّ فقير في أموال الدولة حقًّا، وأقله ما يسد جوعته، ويستر عورته هو ومن يعول، ومن هنا روي عن النبي ÷ أنه قال: «أمرت أن آخذ الزكاة من أغنيائكم وأردها على فقرائكم»، وقد كان للخلفاء الأولين بيوت أموال تجمع فيها الأموال العامة ثم توزع على رعايا الدولة.

  ٢ - الدولة على معرفة تامة بأن ما لا يحصى من الرواتب الشهرية تسلم إلى رجال لا يعملون فتغضي عنهم وتتساهل معهم؛ لذلك لا يكون أخذ الراتب من دون عمل خيانة للدولة.

  ٣ - لما كثر ما يؤخذ من الرواتب من دون عمل من دون علم الدولة وتساهلها - صار ذلك لها كالقانون، فلم يتجاوز حينئذ صاحب المرتب المذكور قوانين الدولة.

  ٤ - لطالب العلم الفقير حق أكبر من حق الفقير، فإذا كان الفقير يستحق سهماً فإن طالب العلم الفقير يستحق سهمين: سهماً لفقره، وسهماً لطلبه العلم، وواجب والي المسلمين أن يراعي مثل ذلك.

  فإن قيل: إن من واجب المسلم الوفاء بالعقد والعهد.

  قلنا: حصل الإغضاء والمساهلة من طرف الدولة فيما ذكر؛ فكان ذلك كالتنازل عن حقها؛ فلم يلزم حينئذٍ الوفاء من الطرف الآخر.

  نعم، إذا حصل تشدد من الدولة في شأن الرواتب فإنه وإن كان للفقير حق على الدولة فإنه لا ينبغي له أخذ الراتب بدون عمل؛ لما في ذلك من تعريض