من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الإحياء والتحجر

صفحة 173 - الجزء 2

[حكم التفاضل في المحاجر بين أهل قريتين متقاربتين]

  سؤال: قد يكون هناك قريتان متقاربتان، لأهل قرية منهما محاجر واسعة مترامية الأطراف، وأهل القرية الأخرى لا محاجر لهم، بل هم مضايقون جداً، لا يسمح لهم أهل القرية الأخرى بالبناء ولا التوسع؛ لأن الأرض أرضهم، ويبدو من آثار بناء البيوت ومن المقابر في القريتين قدم السكنى في تلك البلاد، فهل يسوغ لأهل القرية مطالبة أهل القرية الأخرى في نصيب من المحاجر العريضة أم لا؟

  الجواب والله ولي التوفيق والهداية إلى أقوم طريق: أن أعراف الناس قد مضت على أن من سبق إلى مباح فهو أولى به، وأن من تحت يده شيء من المحاجر والمساقي والشجر فهو أولى به، مضت على ذلك أعراف الناس في بلادنا جيلاً بعد جيل؛ لذلك نقول: إن القبيلة التي بيدها محاجر كثيرة كانت هي السابقة والمتأصلة في تلك البلاد دون القبيلة الأخرى.

  وعلى حسب الأعراف لا يحق مطالبة القبيلة التي تحت يدها محاجر كثيرة؛ لأنه لا حق لها حسب العرف في تلك المحاجر، ولا ينبغي الفتح فيما تعارف عليه الناس؛ لما يؤدي إليه من الفتن والنزاع و ... إلخ.

  وهذا إذا كان الناس في زمن فترة، أما إذا كان الناس تحت سلطة شرعية، فلسلطان المسلمين بما له من الولاية العامة النظر فيما يصلح المسلمين، فله أن يقر المحاجر لأهلها، وله أن يأخذ منها ما يريد، ويضعه حيث يريد، على حسب ما يرى من المصلحة.