باب المضاربة
  قلت: وبناءً على هذا فيكون الربا فيما لو أعطاه المال على جهة القرض وشرط عليه شيئاً معلوماً في كل شهر، وحينئذ فيكون ما جاء في السؤال جائزاً.
  وقد يستدل له بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}[النساء ٢٩].
  وهاهنا لم يأكل صاحب المال شيئاً من المال بالباطل، بل إن ما يأخذه المالك من المضارب إنما يأخذه في مقابل ربحه، فإذا كان الأمر كذلك جاز له أن يأخذ أقل من ربحه أو مثله، وجاز له أن يأخذ أكثر من ربحه بشرط أن يكون ما يأخذه المالك من غير جنس الربح.
  وهناك صورة لا يجوز للمالك أن يأخذ فيها شيئاً من المضارب، وذلك إذا لم يكن هناك ربح.
  نعم، الذي ينبغي هو عدم الدخول في مثل هذه الشراكة وهذه المضاربة؛ لعدة أمور:
  ١ - لما قد يتعرض له الداخل فيه من التهمة بالربا، وفي الأثر: «دع ما عند الناس إنكاره وإن كان عندك اعتذاره».
  ٢ - قد يشتبه على بعض الناس الفرق بين ما ذكرنا وبين الربا فيقع في الربا، وقد جاء في الأثر: «من باع واشترى ثم لم يسأل عن حلال ولا حرام فقد ارتطم في الربا ثم ارتطم».
  ٣ - قد يجعل مثل ما ذكرنا ذريعة للربا ووسيلة إليه، فإذا قيل له قال: إنما ذلك مضاربة.
  ٤ - قد لا يعرف الكثير من الناس شروط جواز مثل هذه المضاربة الفاسدة فيقع في الربا، وذلك بأن يأخذ أكثر من ربحه من جنسه، أو يأخذ ربحاً مع عدم حصول شيء من الربح.
  ٥ - أن مثل هذه المضاربة محكوم عليها بالفساد؛ فتكون لذلك معرضة للفسخ وللتشاجر والخلاف.