من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب شرك المكاسب وما يلحق بها

صفحة 187 - الجزء 2

  غير مؤاذنة الآخر، وهذا مع أن مسامحته للرجل في بقايا الدين مما جرت بها عادة هذا الرجل مع عملائه؛ فهل تصح المطالبة بنصيب أخيه وشريكه أم لا؟

  الجواب والله الموفق: إذا كان الأمر كما ذُكِر في السؤال فلا تصح المطالبة بنصيب أخيه من الدين إذا كان قد سامحه في جميعه، وذلك أنه في تجارته ومعاملاته يتصرف عنه وعن أخيه في كل بيع وشراء، ولو لم تصحّ المسامحة من الدين لما صحّ لواحد منهما بيع ولا شراء.

  وهذا مع أن العرف جار بنفاذ ما فعله أحد الشركاء في مثل تلك الشراكة العرفية، ولو لم نقل بصحتها لاختلت مبايع كثيرة، ولانفتح على الناس باب من النزاع والشجار كبير.

[شركاء باع أحدهم وشملهم، ثم طالب أحدهم بعد مدة طويلة]

  سؤال: باع رجل أرضاً وشمل شركاءه، وتم البيع على ذلك، ثم بعد مدة طويلة وبعدما عمرت البيوت في تلك الأراضي وأحييت الأرض بالأشجار جاء بعض الشركاء يطالبون البائع بنصيبهم؛ محتجين بأنهم لم يبيعوا ولم يجيزوا؛ فكيف اللازم في ذلك؟

  الجواب والله الموفق: أن العرف قد جرى بأن الواحد من أهل البيت يقوم مقام الجميع في مثل هذا؛ فإذا علم الشركاء بالبيع فسكتوا ولم يستنكروا فلا تسمع دعواهم بعد ذلك، ولا سيما إذا مضت سنوات على البيع، والظاهر أن هذا عرف ماض بين الناس في هذه البلاد.

  وقد جاء في السنة ما يؤيد هذا العرف ففي كتب السير أن النبي ÷ قال لأهل الطائف لما سألوه أن يرد عليهم غنائم حنين فقال ÷: «أما ما كان لي ولبني هاشم فهو لكم»، ثم قام رجال من الصحابة كل منهم يقول: وأنا ما كان لي ولبني فلان فهو لكم.