من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب شرك المكاسب وما يلحق بها

صفحة 188 - الجزء 2

  وجاء في السيرة أيضاً أن النبي ÷ كتب كتاباً بين أهل المدينة حين قدمها وفي ذلك الكتاب أن الرجل الواحد من القبيلة يلتزم على نفسه وعلى من وراءه من قبيلته، وفيما ذكرنا من السنة دليل على أن السكوت في مثل هذا يكون رضاً.

  هذا، ومن أظهر الكراهة عند العلم بالبيع ونحوه فإنه لا يلزمه البيع، هذا ما ظهر لي، والله أعلم.

[الشركاء على شروطهم]

  سؤال: شريكان في شارع اتفقا وتراضيا على أن يقوم أحدهما بعمل يحتاج إلى خسارة مال، وجعلا بينهما شروطاً في هذا الاتفاق، ثم إن صاحب العمل الذي خسر شيئاً من المال في الشارع لم يف للآخر بالشروط؛ فما هو اللازم حينئذ إذا تشاجرا وطلب أحدهما خراب العمل وطلب الآخر الخسارة؟

  الجواب والله الموفق: أن الواجب هو إمضاء ما اتفق عليه الشريكان من الشروط في الاتفاقية، وكان هذا هو اللازم لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١]، ولما ورد في الأثر: «المؤمنون عند شروطهم».

  أما إذا أخل أحد الطرفين بشيء من شروط الاتفاق عمداً فإنه لا يجب على الطرف الآخر حينئذ الوفاء، ودليل ذلك: ما جاء في كتب السيرة من الحديث عن عقود الصلح بين الرسول ÷ وبين المشركين، فإنه ÷ كان يلتزم الوفاء لمن وفى له، بخلاف من لم يفِ له ÷، وقد قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ٧}⁣[التوبة].

  وحين أخل المشركون من أهل مكة بشيء من شروط الصلح الذي وقع في الحديبية بين النبي ÷ وبين المشركين غزا ÷ المشركين في مكة، وفتحها عنوة، ولم يعبأ بشروط الصلح، ولم يلتفت إليها، وقد كان أبو سفيان –وهو رئيس مشركي قريش - جاء إلى المدينة يعتذر إلى رسول الله ÷ وإلى