من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب شرك المكاسب وما يلحق بها

صفحة 195 - الجزء 2

  استحق نصف الشاحنة؛ لأنه يستحق بشغله نصف المدخول.

  فإن قيل: يكون العقد فاسداً لأن عقد الشراكة في الحافلة بين الرجلين تضمن التمليك للسائق ناصفة الحافلة في المستقبل، وذلك مما يفسد العقود.

  قلنا: المُتَقَرّر حمل عقود المسلمين على الصحة ما أمكن، وهاهنا يمكن الحمل على الصحة، وذلك بأن نقول: يحمل العقد على أن المراد تمليك السائق نصف الشاحنة من حين العقد مقابل منفعة هي الثمن، والمنفعة هي أن يشتغل سائقاً عليها إلى أن يوفر ثمنها للمشتري، وإذا حمل العقد على هذا لم يكن فيه ما يفسده، فهذا هو الذي ظهر والله أعلم والحمد لله رب العالمين.

  فإن قيل: ١ - كيف يكون الحكم إذا اشتغل السائق فترة من الزمن ثم عرض له عارض منعه من العمل، مما أدى إلى فسخ العقد؟

  ٢ - وكيف يكون الحكم إذا حصل للشاحنة حادث أدى إلى تعطيلها تماماً؟

  ٣ - وكيف الحكم فيما تحتاجه الشاحنة من الوقود والزيوت والكفرات وقطع الغيار و ... إلخ؟

  قلنا: ١ - إذا حصل للسائق ما يمنعه من مواصلة الشغل وتفاسخ الطرفان فيستحق السائق أجرة المثل، وهو ما جرت به العادة في سائقي الشاحنات إما أن يعطى على عمله رواتب شهريه لكل شهر قدر من المال، وإما أن يعطى نصيباً معيناً من الدخل الحاصل على حسب ما جرت به العادة.

  ٢ - وإذا تعطلت الشاحنة تماماً فيستحق السائق كما ذكرنا أولاً إما رواتب شهرية، وإما نصيباً من الدخل الحاصل.

  ٣ - يكون كل ما تحتاجه الحافلة من وقود وزيوت وصيانة وقطع غيار وغير ذلك من دخل الشاحنة، سواء ذكر ذلك في العقد أم لا؛ لأن العادة والعرف جارٍ على ذلك.

  فإن حصل بين الطرفين اتفاق على غير ما جرى به العرف كان الواجب العمل عليه والالتزام به.