من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب شركة الأملاك

صفحة 204 - الجزء 2

  إلا أنه لا يجوز لأحد أن يتوسع كثيراً في التملك حتى يحصل من توسعه ضرر على الناس سواء أكان ذلك في الماء أو الحطب أو المرعى.

  ودليل ذلك: ما جاء في الحديث المروي من تحاكم الزبير والأنصاري عند النبي ÷ في سيل مهزور⁣(⁣١)، حيث لم يسمح النبي ÷ للزبير أن يمسك من الماء إلا قدراً محدوداً، وأمره بإرساله بعد ذلك إلى الأنصاري، وروي حديث: «لا ضرر ولا ضرار».

[شريكان في بئر طلب أحدهما حفرها وامتنع الآخر]

  سؤال: شريكان في بئر طلب أحدهما من الآخر حفرها وتغويرها فامتنع الآخر؛ فما هو الحكم؟

  الجواب والله الموفق: أن المذهب كما في حواشي شرح الأزهار: أن أحد الشريكين إذا طلب حفر البئر لزيادة مائها لم تلزم إجابته، إلا أن يعرف أنها إن لم تحفر قل ماؤها. تمت (é)⁣(⁣٢).

  قلت: إن كان بين الشريكين شرط رضيا به قبل الحفر وهو أن على الشريكين كليهما مثلاً إذا احتاجت البئر إلى تغوير أو نحو ذلك فعلاه فيجب الوفاء على الشريك، ويحكم به الحاكم؛ وذلك لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ}⁣[المائدة ١]، وفي الأثر: «المسلمون عند شروطهم».

  وإن طلب منه التغوير ولم يكن قد سبق رضا من الشريكين بذلك عند الحاجة - فلا وجه فيما يظهر لي على إلزام الممتنع عن التغوير، اللهم إلا إذا كان هناك عرف جارٍ بين الشركاء في الآبار فإنه في هذه الحال يلزم، وذلك أن العرف إذا جرى بمثل ذلك فإنه ينزل بمنزلة الشرط، أما بدون ذلك فلا يلزم الممتنع.

  والدليل على ذلك: ما جاء في الحديث: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه»، ولكن إذا أراد الشريك أن يغور البئر المحتاجة للتغوير لقلة الماء فله


(١) مهزور بتقديم الزاي على الراء: اسم وادٍ لبني قريظة بالحجاز، وهو براء فزاي موضع بسوق المدينة.

(٢) شرح الأزهار ٣/ ٣٦٧.