باب شركة الأملاك
الثبوت
  من ثبتت يده على شيء فهو له في الظاهر، ويحكم له به حسب الظاهر مع عدم المنازع، ومع عدم قيام ما هو أقوى من الظاهر، فإن قام ما هو أقوى كالبينة العادلة حكم به لصاحب البينة؛ لأن الحكم الأول إنما هو تقرير للثبوت الذي معناه أن القول قول صاحبه مع يمينه.
[تفسير حديث «الناس شركاء في ثلاثة»]
  جاء في الحديث: «أن الناس شركاء في ثلاثة: الماء، والكلأ، والحطب». اهـ
  قلت: يستثنى من ذلك ما حازه الرجل إلى ملكه فإنه يختص به، ويصير ملكاً له لا يشاركه فيه غيره.
  وإنما قلنا ذلك لما قضى به القانون الشرعي من أن الحيازة للمباح سبب للملك، ولا منافاة بين ما ذكرنا وبين الحديث.
  فالحديث يدل على أن لكل واحد من الناس الحق في أن يأخذ من الماء ومن الكلأ ومن الحطب ما يشاء، فإذا أخذ من ذلك ما يشاء استحقه، ودخل في ملكه واختص به.
  وفائدة الحديث: الإعلام بأن الناس على سواء في تلك الثلاثة، وأن لكل واحد الحق في أن يأخذ منها ما يشاء، وأنه لا يجوز لأحد أن يمنع الناس من ذلك.
  بل يمكن الاستدلال من الحديث على أن من أخذ شيئاً وحازه فقد ملكه، وذلك لأن الحكم بالشراكة في ذلك يقتضي أن لكل واحد أن يتملك من ذلك ما يشاء، وإلا لما كان للإخبار بذلك فائدة.
  وبناءً على ذلك فيكون الماء الذي في البئر ملكاً لصاحب البئر، والماء الذي في البركة لصاحب البركة، والذي في الإناء لصاحب الإناء، ولا يجوز الأخذ من ماء البئر والبركة والإناء ونحو ذلك إلا بإذن صاحبه، وعلى ذلك فيجوز بيعه وشراؤه وهبته و ... إلخ كسائر الأملاك، وهكذا الحطب والكلأ.