[جواز بيع كتب مخطوطة موقوفة]
  ٥ - ما ثبت وتقرّر من أن اللازم على وليّ الوقف المحافظة على الوقف من الضياع والفساد، بالإضافة إلى تنميته وإصلاحه ودوام استثماره، ولا شكّ أن حفظ الكتب في الصناديق يعرضها للفساد، مع ما في ذلك من عدم النفع المقصود، وإخراجها من الصناديق إلى من ينتفع بها سيؤدي إلى تضررها لضعفها الذي لحقها بطول الزمن.
  وما ذكرنا من الحل هو اللائق بمثل ذلك، بل هو السبيل الوحيد الذي يعيد للوقف جدته ويخرج ثماره.
  نعم، أرى أن ثمن المخطوطات إذا كثر جداً بحيث يفضل بعد شراء مكتبة كبيرة حافلة بكل ما يحتاج إليه العالم والمتعلم من الكتب أن تؤخذ هذه الفضلة فيتجر بها الولي أو يعطيها مضاربة لمن يتجر فيها ثم يعان طالب العلم من أرباح تلك الفضلة.
  وإنما قلنا ذلك لما فيه من زيادة المصلحة والنفع الذي أراده الواقف، فإنه قد وقفها من أجل الانتفاع بما فيها من العلم، وإعانة طالب العلم بشيء من المال مما يساعد على حصول تلك المنفعة وينميها.
  هذا ما اقتضاه النظر، ولم نخرج فيما قلنا عن قواعد المذهب، ولا عما تقتضيه الأدلة.
  فإن قيل: قد تقرر أن بيع الوقف غير جائز.
  قلنا: نعم بيع الوقف لا يصح ولا يجوز، غير أن هناك حالات استثنائية يجوز فيها بيع الوقف، منها: ما إذا بطل نفعه في المقصود، ومنها: أن يباع بعضه لإصلاح البعض الآخر؛ هكذا قرر أهل المذهب كما في شرح الأزهار، ولا شك أنه يجوز بيع أبواب المسجد وآلاته وأنقاضه من أجل استبدالها بأفضل منها، وقد أجاز أهل المذهب بيع الهدي لخشية تلفه، وأن يشتري بثمنه هدياً آخر.