من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب في المساجد

صفحة 81 - الجزء 1

  القطع الأثرية لها ثمن؛ لأنه لم يلقها ويرغب عنها إلا لظنه أنها لا قيمة لها، أما لو عرف أن لها قيمة غالية لم يلقها، بل يحتفظ بها غاية الاحتفاظ.

  وإنما قلنا إنه يلزمه ذلك لما ثبت من وجوب التعاون على البر والتقوى في قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة ٢]، ولوجوب النصيحة لعامة المسلمين وخاصتهم.

  هذا، وإذا كانت القطع لمشاهد الصالحين فالحكم هو ما ذكرناه، وإن كانت لمشاهد غير صالحين فتؤخذ وتصرف في المصالح العامة للمسلمين.

فائدة في تزيين المساجد:

  قال بعض العلماء: إن زخرفة المساجد لا تجوز؛ لما جاء في الأثر: إن من علامات القيامة زخرفة المساجد وتطويل المنارات، وفي حديث: «لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد».

  وفي حديث آخر: أن الأنصار جاءوا إلى النبي ÷ فقالوا له: زين مسجدك؛ فقال: «إنما الزينة للكنائس والبِيَع، بيضوا مساجدكم».

  وقال أهل المذهب وغيرهم: إن التزيين جائز؛ لما فيه من تعظيمها واحترامها، {وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}⁣[الحج ٣٠].

  قلت: القول الراجح هو جواز التزيين؛ بدليل: عمل المسلمين على مختلف العصور من غير تناكر في جميع البلدان، أما الأحاديث التي استدل بها المانعون فلا تدل على المنع، فلا يدل كون ذلك من أشراط الساعة على الحرمة؛ إذ لا ملازمة بين أشراط الساعة والحرمة.

  وقوله: «إنما الزينة للكنائس والبيع» هو خبر من النبي ÷ عن أمر واقع؛ لأن أهل الكتاب كانوا يزينونها، ولعلهم كانوا يعتقدون وجوب ذلك؛ فأجاب النبي ÷ على الأنصار بأن الوجوب إنما هو في دين اليهود والنصارى كما يزعمون.