من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب الدعاوى

صفحة 356 - الجزء 2

  ولتبليغ الأحكام الشرعية كما في كتاب عمرو بن حزم المشهور، ثم الصحابة من بعده ÷، ثم المسلمون إلى اليوم، ومن ذلك كتابة العلم والحديث وتدوينها في القراطيس، ومن قبل ذلك ما حكى الله تعالى عن كتاب سليمان # إلى ملكة سبأ.

  ومن هنا امتن الله تعالى على العباد فقال : {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ١ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ٢ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ٣ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ٤ عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ٥}⁣[العلق]، وأقسم سبحانه وتعالى فقال سبحانه: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ١}⁣[القلم]، وأرشد سبحانه وتعالى عباده إلى التوثيق على الديون بالكتابة فأنزل في ذلك أطول آية في القرآن، وهي المسماة بآية الدين في آخر سورة البقرة.

  لذلك قلنا: إنه لا ينبغي إهدار الوثائق الصحيحة التي لا يد لصاحبها عليها؛ لأن ذلك إهدار لفائدة التوثيق بالكتابة المعلوم اعتبارها قديماً وحديثاً.

  وإنما قلنا: إنها ضعيفة فتحتاج إلى يمين لتؤكدها - لما جاء في آية المائدة، وهي قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ}⁣[المائدة ١٠٦]، إلى قوله تعالى: {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا ...} الآية [المائدة ١٠٧]، ففي هذه الآية وفي قصتها التي نزلت من أجلها اعتبار الكتابة، فقد روي أن أولياء الميت وجدوا قرطاساً كتبه الميت فيه تسجيل المال والمتاع الذي كان معه عند موته، فلما رأى أولياؤه ذلك السجل طالبوا أوصياء ميتهم بما نقص، فحكم الله تعالى عليهم بأن يحلفوا على ما ادعوا، وذلك ما نقص مما كان قد سجله ميتهم في قرطاس وضعه بين المتاع.

  فإن قيل: الآية وقصتها لم يذكر في شيء منهما اعتبار الكتابة.

  قلنا: الأخبار التي تحدثت عن هذه القصة قد أجمعت على ذكر كتابة وصية الميت، وأنها هي التي كشفت لأوليائه نقص المتاع، وفي سياق القصة أن الأولياء