من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب في الكفالة

صفحة 398 - الجزء 2

  قلت: يؤخذ من هذا الحديث تبرير ما تفعله القبائل، وذلك أن القبيلة إذا اعتدى رجل منها على واحد من قبيلة أخرى أو تمرد من الإنصاف فإن هذه القبيلة تتقطع لتلك القبيلة فتأخذ سيارة أو نحوها على أي فرد من القبيلة، وحينئذ تتحرك الوسائط للإصلاح فيقول المتقطعون: أخذنا السيارة لينصفونا من صاحبهم، فإذا أعطوهم الإنصاف ردوا ما أخذوا.

  وأنا أرى أن مثل هذا الصنيع - إذا لم يكن هناك دولة تمنع بعض الناس من بعض، ولا أمكن للمظلوم أن يتوصل إلى حقه بأي حيلة - جائزٌ، ولكن بشرط: أن لا يستعملوا السيارة، ويحفظوها، ولا يتصرفوا فيها بأي تصرف، وإذا حدث في السيارة أي خلل فإنهم ضامنون.

  ودليل ما ذكرنا: أن بين أفراد كل قبيلة من قبائل بلادنا عهوداً ومواثيق على أنهم يد واحدة في كل ما ينوبهم من أي قبيلة، وفي كل ما لهم أو عليهم من غرامات أو قتل أو ... إلخ، وحينئذ فإذا اعتدى أحد أفراد القبيلة فتعتبر القبيلة كلها معتدية، وإذا اعتدي على واحد من أفرادها فيعتبر ذلك اعتداءً على القبيلة كلها، وكل فرد من أفراد القبيلة يعرف ذلك ويعتقده، ولا يمكن لأي فرد من أفراد القبيلة أن يتهرب من ذلك.

العمل بالعرف في الشرع

  سؤال: للقبائل أعراف يتعارفون بها ويتعاملون على ضوئها؛ فما هو حكم الشرع تجاه هذه الأعراف؟

  الجواب والله الموفق والمعين: أن الذي يظهر أن الأعراف القبلية تنقسم إلى مخالف للشرع وإلى ما ليس بمخالف؛ فما كان منها مخالفاً للشرع فهو منكر لا يجوز إقراره ولا الرضا به، بل اللازم هو إنكاره.

  وما كان منها غير مخالف فلا بأس فيه، ويجوز الدخول فيه والرضا به، وهذا الجواب جواب إجمالي.