باب في الكفالة
  فمن الأعراف القبلية الجائزة والحسنة عقد الحلف بين أفراد القبيلة الواحدة أو بين مجموعة من الناس مختلفي الأعراف على التناصر فيما بينهم، وأنهم إخوة كالجسد الواحد.
  وقد كان مثل هذا التحالف قديماً في قبائل العرب، فجاء الإسلام وأقره بل إن النبي ÷ قد دخل هو ومن معه في حلف مع خزاعة، وقد جاء في السير أن وافد خزاعة جاء إلى النبي ÷ وهو في المدينة يسأله الوفاء بالحلف، ويسأله النصرة، فقال بين يدي النبي ÷:
  لاهُمّ إني سائلٌ محمدا ... حلف أبيه وأبينا الأتلدا
  إلخ.
  فأجابه النبي ÷ قائلاً ما معناه: «لا نصرني الله إن لم أنصرك».
  ومن العادات المحتملة للحسن والقبح هي القطاع، والذي أرى أنها عادة حسنة وجائزة، وذلك عند الضرورة فقط، والذي حسنها في نظري عند الضرورة هو أنه يستخرج بها الحقوق من القبيلة الأخرى، وأنه أخف وأهون من القتال والغزو، وأنهم يعلنون في الأسواق قبل القطاع أن القبيلة الفلانية مقاطعة في القبيلة الفلانية.
  والمراد بأن مثل هذا القطاع حسن هو أنه إذا كان من أجل استخراج حق، أما إذا كان لغير ذلك فلا يجوز.
  فإن قيل: القطاع يشمل المحسن والمسيء، والبريء وغير البريء، فكيف يكون حسناً؟
  قلنا: القطاع يشمل القبيلة التي اشتملت على المعتدي، والواجب على القبيلة أن تردع الظالم عن ظلمه وعدوانه، وأن تحمله على إنصاف الناس، وهذا أمر يوجبه الإسلام، وتوجبه الأعراف القبلية، فإذا فرطت القبيلة في هذا الأمر وأقرت المعتدي على عدوانه فإنها شريكته فيما أتى.