من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الإبراء

صفحة 412 - الجزء 2

  قلت: ومذهب المنصور بالله # قوي وفيه احتياط، ويؤيده حديث: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه».

[فيمن أبرأت من مهرها ثم طلقها الزوج قبل الدخول]

  للمذهب: أن الزوج إذا طلق قبل الدخول بعد أن أبرأته الزوجة لزمها له مثل نصف المسمى.

  وذكر أبو طالب: أنه لا يلزمها له شيء، ومثله عن الإمام عزالدين، والإمام شرف الدين. اهـ من الشرح والحواشي.

  قلت: قول أبي طالب قوي، وذلك لأنها حين أبرأته من المهر إنما أبرأته عن شيء تستحقه عليه وهي لا تستحق إذا طلقها قبل الدخول إلا نصف المسمى، وحينئذ فبراءتها تتناول ما تستحقه دون ما لا تستحقه؛ لأن استحقاقها للمهر كله مشروط بالدخول، والدخول لم يقع.

  وهكذا لو أبرأ البائع المشتري من بعض الثمن، ثم إن المشتري رد المبيع بأحد الخيارات فإنه لايلزم البائع أن يرد للمشتري إلا ما أخذ من الثمن، ولا يلزمه أن يدفع له مثل ما أبرأه منه؛ لأن البائع إنما أبرأ المشتري من بعض الثمن لتلك السلعة المباعة، فلما بطل البيع وفسد - بطل كل ما ترتب عليه، وببطلان البيع يتبين أن البائع لا يستحق الثمن فكأن البائع أبرأ المشتري مما لا يستحقه.

[من طلبَ المسامحة ولم يبين المقدار]

  الرجل إذا طلب المسامحة والبراءة من حقٍّ لرجل من غير أن يبين مقدار الحق أو أنه فقير فإن ذلك يصح، هذا هو المذهب كما في الأزهار وحواشيه⁣(⁣١).

  وفي الحاشية: ولو غلب في الظن أنه لو عرف المقدار لم يبره، خلاف المنصور بالله # فإنه قال: إذا استبرأ مما عليه ولم يعينه أنه إذا علم من حال المبرئ أنه لو عينه له ما أبرأه لم يصح براؤه حتى يبينه. انتهى.


(١) شرح الأزهار ٤/ ٣٠٢.