من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[إذا طلب الخصمان حكم الله]

صفحة 418 - الجزء 2

  ٢ - أن يساق الخصمان إلى الشيخ كرهاً ليحكم بينهما، ففي مثل هذه الحالة لا يجوز حكم الشيخ على الخصمين ولا يلزمهما، وذلك أنهما لم يلتزما ولم يتعهدا على قبول حكمه، ولم يتعاقدا على ذلك.

  نعم، قد يستدل أيضاً للزوم حكم المحكم بتحكيم اليهود لسعد بن معاذ ¥، وبقوله تعالى: {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا}⁣[النساء ٣٥]، ففي ذلك ما يدل على شرعية التحكيم على الجملة.

  وأما قوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ٤٧}⁣[المائدة]، فإنه لم يتناول ما نحن فيه؛ إذ ما نحن فيه - كما قدمنا - ليس من باب الحكم، وإنما هو من باب التوكيل والتفويض والالتزام، فما صدر من المحكم إنما صدر منه بالوكالة والتفويض التي جعلها له الخصمان.

  هذا، وقد يمكن أن يستدل لما نحن فيه بتحكيم قريش لرسول الله ÷ يوم تنازعت قبائلها فيمن يضع الحجر الأسود في مكانه.

  نعم، مما يلحق بما تقدم ويناسبه أن نقول: هنا عادات وأعراف جرت بين القبائل، فما كان منها غير مصادم لأحكام الشريعة فإن عليهم أن يلتزموا بها، ويحكم عليهم حاكم الشريعة بلزومها، وذلك كدفع شيء من المال وهو ما يسمى عندهم بـ (الفروق)، وقد قال أهل المذهب كما في حواشي شرح الأزهار بأنه يجب على الإنسان الوفاء بما التزم به، فيجب الفرق مع القبيلة في غير معصية الله؛ وذلك لأجل الالتزام والاتفاق بين القبيلة على ذلك على حسب ما التزم به.

[إذا طلب الخصمان حكم الله]

  سؤال: إذا قال الخصمان للحاكم: احكم بيننا بحكم الله، وكان ما وقع فيه النزاع من المسائل الاجتهادية، فهل يحكم باجتهاده؟ وإذا حكم باجتهاده فهل له أن يقول إنه حكم الله؟ وهل يجوز ويصح حكم المقلد؟ وإذا جاز وصح هل يقال فيه: إنه حكم الله؟