[حكم من يكثر اللعن والكلام الفاحش مع التزامه بالطاعات]
[حكم من يكثر اللعن والكلام الفاحش مع التزامه بالطاعات]
  سؤال: ما هو حكم من يكثر اللعن والكلام الفاحش لأولاده وأهله، مع أنه ملتزم بسائر الطاعات؟
  الجواب: في بعض المجتمعات قد ينشأ الرجل ويدخل اللعن والكلام الفاحش في لغته وكلامه تبعاً للغة مجتمعه وكلامهم، فيكبر ويقبل إلى الله ويلتزم بطاعته، فيصدر منه ما يصدر من اللعن والشتم من غير قصد ولا نية إلى المعنى، وإنما صدر ما صدر على لسانه بسبب لغته التي نشأ عليها، وصارت طبيعة وسليقة.
  فمثل هذا لا ينبغي الحكم عليه بالمعصية والإثم، وقد قال تعالى في مثل ذلك على أحد تفسيرين: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ}[البقرة: ٢٢٥].
  غير أنه ينبغي على من كان كذلك أن يعود لسانه ترك اللعن والكلام الفاحش، وقد رأيت أنا وسمعت كثيراً من هذا النوع يجري على ألسنتهم الكثير من اللعن والشتم من غير قصد منهم إلى معناه.
  ولو ذهبت تقول له: ما لك تشتم وتلعن؟ لأنكر ذلك، وما ذاك إلا لأن الشتم واللعن قد دخل في لغتهم.
  وهذا في حين أنهم يستعملون اللعن والشتم كناية عن شيء آخر فيقولون: «ناكه البَرْد» بمعنى: أوجعه البرد، و «ناكه فلان في سلعته»: إذا اشتراها منه وغلبه في شرائها، و «ناكه في حقه» بمعنى: اشتراه منه، أو غلبه عليه بحكم أو شراء أو نحو ذلك، و «ناكه بطعنة» أي: طعنه بطعنة، «سألعن وجهه» بمعنى: سأهينه.
  وسمعناهم يدخلون الشتم في كلام الصديق لصديقه والأخ لأخيه، ولا يقصدون به معنى الشتم ولا يريدونه، وإنما هو من قبيل ما جاء في الحديث: «فاضفر بذات الدين تربت يداك» فقوله: «تربت يداك» دعاء بالهلاك لكنه غير مقصود في الحديث ولا مراد، وإنما دخل في الحديث تبعاً للغة، ومثل ذلك: «ويل أمه»، فإنه دعاء عليه بالهلاك، وقد قال به الرسول ÷ في حق بعض أوليائه المؤمنين المجاهدين.