[حكم من قتل أباه بسبب تزيين أعمامه كره أبيه]
  وعلى الجملة فلا حرج في الفرح بقتل العاصي لله لأجل عصيانه، والحرج والإثم هو الفرح والسرور بقتل المؤمن لأجل إيمانه.
  وإذا حصل الفرح والسرور بقتل المؤمن أو بموته لأجل أن الفارح سيحصل على إرث من تركته، أو سيحصل على مال من تركته بالوصية أو من أجل أن ورثته فقراء فتغنيهم تركته.
  وقد سمعت عن بعض مشائخي في العلم يقول للبعض على جهة المزاح: سيكون موتي سبباً لفرح الورثة، حيث سيكون موتي سبباً في غناهم، أما أنت فليس بموت مورثكم فرحة؛ هذا معنى كلامه رحمة الله عليه، وكان عالماً وغنياً.
  فإن قيل: قد ثبت أن الرضا بالمنكر منكر، فالراضي بالكفر في حكم الكافر، والراضي بقتل المسلم في حكم القاتل، وقد عذب الله قوم صالح حين رضوا بقتل الناقة، وإنما القاتل لها واحد منهم: {فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاهَا ١٤}[الشمس].
  قلنا: كان قوم صالح جميعاً قد أرادوا قتل الناقة وعزموا على ذلك؛ عصياناً منهم لقول نبيهم صالح ~ الذي حكاه الله في قوله تعالى: {هَذِهِ نَاقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ فِي أَرْضِ اللَّهِ وَلَا تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ٧٣}[الأعراف]، فحذرهم نبيهم من العدوان على ناقة الله وعلى مائها، ونهاهم أن يتعرضوا لذلك، وحذرهم بأس الله إن فعلوا ما نهاهم عنه، فتمردوا على نبيهم صالح # وتهاونوا به وكذبوه؛ فقد اشتركوا جميعاً في التمرد والعصيان والتكذيب، وعزموا على مخالفته فيما نهاهم وحذرهم.
  والرضا شيء، والفرح والسرور شيء آخر، فقد قال أئمتنا: إن الرضا كلمة مرادفة للإرادة، فلا يصح أن يقال: رضيت هذا وما أردته، ولا: أردته وما رضيته، وقائل ذلك يعد مناقضاً، هكذا ذكروا كما في كتب أصول الدين.
  وعلى هذا فالرضا عمل قلبي يثاب ويعاقب المكلف عليه.