[حكم من عصبت رأس رضيعها فخنقته العصابة]
  فإن قيل: قد يكون الطفل شبعاناً رياناً، فإذا أخذته الأجنبية وأوجرته سيتضرر، فتجني على الصبي بذلك عن غير عمد، وعلى ذلك فتضمن جناية الخطأ الحاصل منها.
  قلنا: إذا كان الطفل كذلك فإنه لا يقبل الطعام ولا الشراب كما نراه ونشاهده فيما عرفناه من الأطفال؛ فلا يحصل حينئذٍ جناية توجب الضمان، والمراد بذلك فيما يتعلق بالشرغة.
  نعم، ما ذكرنا هنا موافق لما يذكره أهل المذهب في هذا الباب حيث قالوا: (وتضمن الحاضنة من مات بتفريطها وهي عالمة بأنه يموت بذلك التفريط)، وحيث قالوا: (ولا شيء في إفضاء الزوجة صالحة بالمعتاد)، ونحو ذلك.
[حكم من عصبت رأس رضيعها فخنقته العصابة]
  سؤال: امرأة اعتادت أن تعصب على رأس رضيعها عصابة لحفظه من البرد وفي يوم من الأيام أصبحت وإذا طفلها قد مات بسبب العصابة؛ لأنها نزلت حتى غطت أنفه فخنقته؛ فهل يلزمها أن تصوم كفارة لذلك أم لا؟
  الجواب والله الموفق: أن علماءنا قد قالوا: إن الكفارة لا تلزم فيما كان من القتل بالتسبيب، وإنما تلزم في القتل بالمباشر، وهذا القتل المسؤول عنه من القتل بالسبب فلا يلزمها أن تكفر.
  ويمكن الاستدلال على ذلك: بأن الله تعالى إنما أوجب الكفارة على من قتل خطأ، والقاتل بالسبب ليس قاتلاً في الحقيقة، فإن من حفر بئراً في طريق مثلاً ثم جاء رجل وسقط فيها ومات فإن حافر البئر لم يقتل هذا الرجل، وإنما الرجل هو الذي ألقى بنفسه في البئر؛ فهو القاتل لنفسه في الحقيقة، وصاحب البئر إنما تسبب.
  والمرأة في السؤال لم تقتل ابنها حين عصبت رأسه، والطفل بتقلبه في الفراش حتى نزلت العصابة على نفسه هو الذي خنق نفسه، لم يكن للأم أي فعل في ذلك، وإنما حصل بفعلها ربط العصابة على رأس ابنها وذلك ليس قتلاً، وإنما هو سبب للقتل، وحينئذ ففاعل سبب القتل لا يسمى قاتلاً حقيقة؛ فلم يدخل تحت الآية.