من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب الديات

صفحة 488 - الجزء 2

[حكم أخذ الزكاة لعاقلة مجنون قتل خمسة]

  سؤال: رجل اختل عقله فقتل خمسة رجال، ثم قتل في الحال، فجاء أولياء الخمسة القتلى يريدون الثأر لقتلاهم من أقرباء المجنون، فتوسطت القبائل بين الفريقين لسد الفتنة، وحملوا أولياء المجنون وأقرباءه عدة ملايين، ورضي الفريقان بهذا الصلح، فهل يجوز لهؤلاء أن يأخذوا من الزكاة ليسددوا بها هذا الدين، مع العلم أن لهم مالاً واسعاً ولكن الوقت وقت جدب، ولو أن الله يسقيهم وحصلت قطفة القات لم يحتاجوا إلى معاونة ولكفتهم القطفة لسداد الدين؟ أفتونا مأجورين.

  الجواب والله الموفق والمعين: الذي أرى أنه أسلم وأحوط أنه يجوز لهؤلاء أن يعطوا من الزكاة قرضاً يقترضونه ثم يقضونه عند قطف القات، وإنما قلنا ذلك:

  ١ - أن أهل المذهب قد قالوا: إنه يشترط في الغارم أن يكون فقيراً، وهؤلاء ليسوا فقراء بسبب ما يملكون من المال الواسع.

  ٢ - أن تسديد تلك المبالغ من الزكاة فيه إجحاف بالفقراء مع كثرتهم في هذا الوقت.

  ٣ - أن الله تعالى قد حكم على لسان رسوله ÷ في مثل هذه الحادثة بأن الدية تكون على عاقلة القاتل تفرق عليهم في ثلاث سنين، ولم يذكر العلماء أن العاقلة من الغارمين الذين لهم نصيب في الزكاة.

  وإنما الزكاة كما في حديث الإمام زيد بن علي #: «لا تحل الصدقة إلا لثلاثة: لذي دم مفظع، أو لذي غرم موجع، أو لذي فقر مدقع»؛ إذاً فلا تصرف الزكاة في هؤلاء؛ لأنهم ليسوا من مصارف الزكاة.

  نعم، الذي تصرف فيه الزكاة هو الرجل الذي يتوسط بين القوم المتقاتلين لإصلاح شأنهم فيتحمل ديات القتلى التي وقعت في تلك الفتنة على نفسه إصلاحاً للشأن، فمثل هذا يعان من الزكاة على ما تحمل من الديات، ويعطى قدر ما يخرج به عن عهدة ما تحمله، وإن كان هذا المتحمل غنياً في نفسه فليس