من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[حكم حقوق الله إذا لم تبق أعيانها]

صفحة 491 - الجزء 2

  ما يقوم مقام ذلك، كأن يهدد الورثة بأن يقول لهم: لن تأخذوا بعدي قليلاً ولا كثيراً، وسأعترف لفلان، وأقر لفلان، وأجعل لفلان، إغاضة لكم وكراهة لكم، ولو أدري أنه يصل إليكم من حقي شيء لما وسعني قبري، فإذا فعل في ماله كما تهدد فذلك تحويز بلا شك، ويقال لما كان كذلك: توليج.

  واختار كثير من العلماء أنه لا يدخل إلا الإقرار، دون سائر التمليكات والإيقاعات فتنفذ، واختار غيرهم أنه يدخل في الإقرار وغيره.

[حكم حقوق الله إذا لم تبق أعيانها]

  حقوق الله التي صارت في الذمة كالزكوات التي هي غير باقية بعينها والكفارات، وحق الآدمي غير المعين الذي التبس مالكه فأبو حنيفة وزيد بن علي ومالك يقولون: إن هذه الحقوق تسقط بالموت لتعلقها بالذمة، والذمة تبطل بالموت.

  فإن أوصى بها فلا خلاف أنها لا تسقط، فتخرج عندهم من الثلث مع الوصية. اهـ

  قلت: معنى ذلك كما يظهر لي أن تركة الميت الذي عليه مثل هذه الحقوق تطيب للورثة؛ لأن الحقوق المذكورة متعلقة بذمة الميت لا بماله، وذمة الميت قد بطلت بالموت، ومعنى ذلك أنه لا يتأتى للإمام ونحوه أن يطلبوا الزكاة المتعلقة بذمة الميت؛ لأنها قد فاتت وعدمت.

  أما الميت فإنه مسؤول يوم القيامة عن تلك الحقوق ومحاسب عليها.

  فإن قيل: فهل ينفع الميت إذا قضى الورثة تلك الحقوق عن ميتهم؟

  قلت: الذي يظهر لي هو التفصيل وهو:

  ١ - إذا مات الميت وله نية في أداء تلك الحقوق، ولكن فاجأه الموت قبل ذلك، فمثل ذلك يرجى له النفع.