من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

باب صفة الصلاة

صفحة 100 - الجزء 1

  الجواب والله الموفق: أن القرآن جاء على لغة العرب، كما قال سبحانه وتعالى: {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ}⁣[الزمر ٢٨]، وبناءً على هذا فاللازم أن يُقرأ القرآن في الصلاة على الصفة التي كان يتصف بها كلام العرب في محاوراتهم ومخاطباتهم وخطبهم وأشعارهم، أما الزيادة على ذلك من وجوه التحسين فهو نافلة، وذلك هو: إخراج الحروف من مخارجها، واللفظ بالكلمات معربة غير خارجة عن قوانين اللغة؛ أما تطويل المد والإدغام والإخفاء فليس بلازم.

[حكم صلاة من لا يفرق بين «الضاد» و «الظاء»]

  سؤال: هل تصحّ صلاة مَنْ لا يحسن التفرقة بين الضاد والظاء فيخرج الضاد من مخرج الظاء في: {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ٧}⁣[الفاتحة]، أم لا تصح؛ لأنه لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب؟ فإن صحت فهل تصح صلاة من خلفه أم لا؟ وهل تصح صلاة العوام مع لحنهم الظاهر؟

  الجواب والله الموفق: أن النطق بالضاد كما ينبغي غير متيسّر للكثرة من الأولين والآخرين، وقد ذكر الجاحظ في كتابه (البيان والتبيين) عن النطق بالضاد وعن من كان يحسن النطق بها كما ينبغي - ما يؤخذ منه الدليل على ما ذكرنا من أن النطق بها كما ينبغي غير متيسر. وبناءً على هذا فالصلاة صحيحة؛ إذ {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}⁣[البقرة ٢٨٦].

  نعم، رأيت عن أحد أئمة اللغة: أن من العرب من لا يفرق بين الضاد والظاء، فيجعل الظاء موضع الضاد، واستشهد على ذلك بشاهد من شعرها، وربما يشهد لذلك القراءة بهما في {ضنين} في سورة التكوير، وهذه الرواية مما قد يقلل من اعتبار الخطأ.

  وقد نَظَّرَ الإمام المهدي قول أصحابنا بفساد صلاة من وضع الظاء موضع الضاد في {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، وقال: إن مخرجهما متفق، وليس حالهما كحال الحاء والخاء.