باب صفة الصلاة
  وقال الإمام يحيى بن حمزة والغزالي: إنه لا يفسد الصلاة إبدال أحدهما بالآخر، ولفظه كما في البحر: (الإمام ي: إلا الضاد والظاء؛ لتقاربهما) انتهى، نقل ذلك من البيان وحواشيه(١).
  وفي مفتاح السعادة: وقال الإمام يحيى والإمام عز الدين والرازي: لا، لشدة المشابهة بينهما من حيث إنهما معاً من الحروف المجهورة والرخوة والمطبقة، ولأن الضاد يحصل فيه انبساط لرخاوته حتى يقرب من مخرج الظاء.
  قالوا: فلأجل هذه المشابهة يعسر الفرق بينهما حتى لا يدركه إلا خواص المميزين والقرّاء، وقد قال تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج ٧٨]، وقال ÷: «بعثتُ بالحنيفية السمحة».
  ويؤيده حديث: «أنا أفصح من نطق بالضاد»؛ فإنه يدل على تفاوت الناس في النطق به من مخرجه، انتهى.
  ومما يقلل أيضاً من اعتبار الخطأ: أن لغة أهل اليمن مثلاً لا تفرق بين الضاد والظاء، والتغيير الذي يحصل بسبب اختلاف اللغات واللهجات مما يتسامح به في حكاية كلام الغير، وهذا في كلام الناس مما لا خلاف فيه.
  وأما في كلام الله تعالى فالظاهر من القراءات أن ذلك مما يتسامح به؛ ولهذا قرأت العرب القرآن كلٌّ على لغته ولهجته، ولم يُنكَر ذلك.
  ومما يقلل أيضاً من اعتبار الخطأ: أن الضاد إذا أبدلت ظاءً لا يدرك ذلك إلا أهل المعرفة والتأمل؛ وذلك لتشابه الحرفين، ومن هنا فلا يحصل خلل في فهم المعنى، بخلاف ما لو أبدل الضاد دالاً أو قافاً في (الضالين) فيقال (القالين) أو (الدالين) فإن ذهن السامع ينتقل فيفهم معنى آخر.
  وقد رأيت أنا من قرأ القرآن وأتقنه لا يحسن إخراج الضاد من مخرجها وهو
(١) البيان الشافي ج ١ ص ٧٦ مخطوط.