من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

الإمامة

صفحة 518 - الجزء 2

  هذا، وقول أهل المذهب: (إن الخلاف في المسألة هل هي قطعية أو ظنية يصيرها ظنية) ليس على عمومه، بل المراد بذلك ما يتعلّق بمسائل الفروع، فإنها هي التي يقال فيها: (كل مجتهد مصيب)، ولا يحكم على المخطئ فيها بالضلال والتأثيم.

  وقد عدّ أهل المذهب ذلك قاعدة من جملة القواعد الفقهية لأهل المذهب، فلم يريدوا بها إلا فيما يتعلق بأحكام الفقه. فثبت بما ذكرنا أن الإمامة والخلافة أصل من أصول الدين قطعي.

  هذا هو الجواب على السؤال الأول. وأما الجواب على السؤال الثاني فنقول:

  إن إجماع أهل البيت $ على أن الإمامة محصورة في البطنين هو إجماع قطعي معلوم لا شك فيه ولا ريب، وذلك لما يأتي:

  ١ - الشهرة العامة بين علماء المسلمين، بل وبين غالب عوامهم أنهم يقولون بذلك، وقد اشتهر ذلك عنهم قديماً وحديثاً كما اشتهر عن الإمامية أنهم يقولون بإمامة اثني عشر إماماً معينين، وكما اشتهر عن طوائف أهل السنة أنهم يقولون بإمامة أبي بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي.

  ٢ - أن قول الزيدية بحصر الإمامة في البطنين صار لهم ميزة وعلامة يتميزون بها بين سائر المذاهب الإسلامية؛ فمن هنا فما كان كذلك فلا يحتاج إلى دليل؛ إذ أن الشهرة العامة قديماً وحديثاً تغني عن الدليل، وعن البحث عنه.

  كما أن قول أهل السنة بإمامة أبي بكر ثم عمر ثم ... إلخ لا يقبل التشكيك لشهرته وانتشاره، وكذلك قول الإمامية بإمامة اثني عشر إماماً معينين، فقول كل فرقة في هذا الباب قول يكاد يلحق بالضروريات.

  وما بلغ هذا الحد من الشهرة فهو قطعي ضروري، والمشكك فيه بمنزلة المشكك في أن الظهر مثلاً أربع ركعات، والمغرب ثلاث و ... إلخ، وكالمشكك في أن الزكاة تجب في الإبل والبقر والغنم إذا بلغ كل من ذلك نصاباً، و ... إلخ.

  فمثل هذه المسائل المشهورة لا يقال فيها إطلاقاً: أثبتوا صحتها بالنقل