من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

كتاب السير

صفحة 524 - الجزء 2

  قلنا: حقاً أَن من أهل البيت من ينتمي بعقيدته إلى مذهب الأشعرية أو المعتزلة أو ... إلخ، غير أنه لا عبرة بقول من كان كذلك، ولا يخلّ خلافه بإجماع أهل البيت $، بل يثبت إجماعهم ويتحقّق ويجب اعتباره وإن كثر المخالف لهم من ذوي الانتماء إلى غيرهم.

  والدليل على ما نقول: أن من كان كما ذكرنا من أهل البيت قد صار حينئذٍ تابعاً ومقلداً ومقتدياً بغيره، فالمقلد للأشعري مثلاً تابع للأشعري غير متبوع، وليس له رأي ولا مذهب سوى مذهب الأشعري، وحينئذ فوجود مثل هذا المقلد وعدمه سواء، لا وزن لقوله ومذهبه، ولا قيمة له في سوق المذاهب.

  وقد تقرّر في كتب الأصول أن المقلد لا يعتبر قوله في الإجماع، وأن الإجماع يتم من دونه، وقالوا في حقيقة الإجماع: إنه اتفاق المجتهدين العدول من أمة محمد ÷ في عصر على أمر، أو: اتفاق المجتهدين العدول من أهل البيت في عصر على أمر، وقد قال تعالى: {أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لَا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ ٣٥}⁣[يونس].

  فإن قيل: الإمامية لا تنتمي إلا إلى أهل البيت، فلا تنتمي إلى المعتزلة أو الأشعرية أو ... إلخ، فيلزم على حسب ما ذكرتم أن من كان من أهل البيت ينتمي إليهم أن يكون قوله معتبراً في صحة الإجماع فلا ينعقد الإجماع إلا به.

  قلنا: أما في مسألتنا فهم موافقون في حصر الإمامة في أهل البيت $.

  نعم، لعل هذا المشكك توهم لغفلته أن هذه المسألة التي نتحدث عنها من قبيل ما يذكر في كتب الأصول من نحو قولهم: وقد كان الصحابة بين قائل وساكت فكان إجماعاً، (ومثل هذا الإجماع يكون ظنياً)، أو من نحو ما يقولون: إن الإجماع الذي ينقله الآحاد يكون ظنياً، وقد ذكرنا سابقاً أنه ليس من هذا القبيل بما فيه كفاية، بل إن ذلك من المعلومات الضرورية من مذهب أهل البيت؛ فإن من عرف مذهب أهل البيت $ علم أنهم يقولون ذلك ويذهبون إليه بالضرورة.