[الحكمة في تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين]
  فلم تخرج مكة بذلك عن كونها دار حرب. هذا معنى كلام الإمام #، وهو الحق.
  وحد الإمام أحمد بن سليمان قد يكون بالنظر إلى الأعم الأغلب في دار الكفر فقوله #: ولا يمكنون أحداً من السكنى فيها إلا بأن يظهر التمسك بما يدينون به ... إلخ؛ فقوله ذلك لا يريد به الإخراج وإنما يريد به أن صفة دار الكفر كذلك في الأغلب.
[الحكمة في تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين]
  سؤال: ما هي الحكمة في تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين والكفار؟
  الجواب: أن الله سبحانه وتعالى يريد من المسلم أن يقيم أحكام دينه وشرائعه، وأن تكون ظاهرة، وأن تكون كلمة الله هي العليا، وذلك لا يتأتى في دار المشركين والكافرين، وإن أقام المسلم فيها شعائر دينه وأحكام شريعته فبخفية، وعلى الجملة فإن أحكام الكافرين والمشركين في ديارهم هي الظاهرة والعليا دون أحكام الإسلام، والله تعالى لا يحب ولا يرضى أن تكون أحكام دينه هي السفلى وأحكام الكافرين هي العليا، قال تعالى في سورة التوبة: {وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا}[التوبة]، هذا من ناحية.
  - ومن ناحية أخرى فإن الله تعالى يريد لأهل دينه وأوليائه العزة والرفعة، ولا يحب ولا يرضى أن يكونوا في ذلة تحت رحمة الكافرين وتحت سلطانهم، قال سبحانه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ}[المنافقون: ٨].
  وأمر الله تعالى أولياءه بالخروج من تحت سلطان المشركين فقال: {يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ ٥٦}[العنكبوت].
  ونهى تعالى المؤمنين أن يخضعوا ويخشعوا لسلطان الكافرين، فقال سبحانه: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ١٣٩}[آل عمران].
  وبما ذكرنا يتبين لك الحكمة في تحريم الإقامة بين ظهراني المشركين، وهي باختصار أن الإقامة في ديارهم يلزم منها شيئان هما: