من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

حكم الجمارك والضرائب والرشوة ورسوم الحج والعمرة

صفحة 548 - الجزء 2

  الجواب والله الموفق: أن الله تعالى حرّم أكل أموال الناس بغير حق، فقال سبحانه: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ ...}⁣[البقرة ١٨٨]، وقال تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة ٢]، فمن هنا فإنه لا يجوز للمسلم التعاون في مثل ما ذكر في السؤال، هذا هو الأصل في هذا الباب.

  وهناك حالات يعذر فيها المسلم فيما يدفع من المال بغير حق أو في غير حق:

  ١ - أن يتعسر عليه استخراج حق له ثابت، فإنه يجوز له حينئذ أن يتوصل إلى استخراج حقّه بدفع شيء من المال، وهذا وإن سمّوه رشوة فإن تحريمها في هذه الحال يكون على الآخذ لها من قاضٍ أو مسؤول أو نحوهما، لا على الدافع، ويمكن أن يستدلّ لذلك بمفهوم قوله تعالى: {.. وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ١٨٨}⁣[البقرة]، وهكذا إذا احتجز مال الرجل في الجمارك. ومما قد يدلّ على ما قلنا ما ثبت من جواز استفداء الأسير من أيدي المشركين أو البغاة.

  ٢ - أن تدفع على سبيل الإكراه، ومنه الوعيد بالجزاء على من لم يدفع، ودليل ذلك قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ...}⁣[النحل ١٠٦]، وحديث: «رفع القلم عن ثلاثة: عن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن المكره حتى يرضى»، أو كما قال.

  ٣ - أن تدعو الحاجة إلى ذلك، كالمريض يحتاج إلى السفر إلى الخارج للعلاج ولا يتمكن من ذلك إلا بدفع أموال للدولة المتوجّه إليها، فإنه يجوز له حينئذ دفع ما يلزم للسفر ولا حرج عليه في ذلك؛ لقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ}⁣[الأنعام ١١٩].

  ٤ - يجوز مزاولة الأعمال الضرورية للحياة ولو كانت الدولة الظالمة تأخذ من صاحب العمل نصيباً، وذلك كالزراعة والتجارة، والدليل على ذلك هو ما