الإحسان إلى الوالدين
  أما الاحتمال الثاني للسؤال فهو أن صحيح التصرف قد يعرض له من الحدة والغضب ما لا يصح معه التصرف، فما هو حد الغضب الذي إذا وصل إليه بطل تصرفه؟
  فالجواب: أن الحد لما ذكرنا هو أن يبلغ الإنسان في غضبه وحدته إلى حد يذهب معه الحياء، ويعرف ذلك برفع الصوت والتكلم بما لا ينبغي.
  هذا معنى ما ذكروه، وهو في التاج، وقد ذهب عني موضعه، وما ذكروه قوي؛ لأن العقل يقيد العاقل عن فعل ما يستحيا منه عند الناس، فإذا فعل العاقل بين الناس ما يستحيا منه بسبب الغضب فقد نقص عقله وضعف.
الإحسان إلى الوالدين
  سؤال: ما هو الإحسان إلى الوالدين، وكذلك إلى الأرحام الذي لا بد منه، وهل له مقدار وحد؟ وهل يجب تكريره؟ نرجوا بيان المطلوب؟
  الجواب والله الموفق: الإحسان: هو ضدّ الإساءة، وأقلّ الإحسان كف الأذى، وإنصاف الناس من نفسك، وما زاد على ذلك فهو فضل وإحسان.
  وبناءً على ذلك فيجب على الولد أن يتجنب ما يتأذى به والده، ومن هنا جاء في الرواية عن النبي ÷: أنه أمر أحد المجاهدين في بعض الغزوات بالرجوع إلى أبويه، وأمره أن يضحكهما كما أبكاهما، وكان هذا المجاهد قد نفر مع النبي ÷ في تلك الغزوة وأبواه يبكيان.
  ومن جملة ما يتأذى به الوالدان ما نهى الله عن فعله من التأفف منهما والتقذر والتعنيف بهما ونهرهما الوارد في قوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ٢٣}[الإسراء].
  ويلزم التوقير لهما والتعظيم، والدعاء لهما الوارد الأمر به في آخر الآية السابقة: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ٢٤}[الإسراء].