من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

[كيفية نزول القرآن الكريم]

صفحة 21 - الجزء 3

  ينقل الصحابةُ سورةً بقراءةٍ وسورةً أخرى بقراءةٍ غيرها؟ يعني أن ينقل الصحابي سورة البقرة مثلاً على ما يرويه ورش عن نافع، وينقل آل عمران على ما يرويه حفص عن عاصم وهكذا؟

  وكيف يقرأ لهم الرسول ÷ بالسبع القراءات، ويَنْقُلُ كل جماعة منهم قراءة منها فقط؟ هل عيَّن لكل قراءة رواة؟ أم أنهم لم يسمعوا منه إلا رواية واحدة؟ ولم تختلف القراءات إلا لاختلاف لهجات قبائل العرب، والرسول ÷ قد أجاز ذلك، وإن لم يقرأ به هو؟

  يزيد ذلك في نفسي عمقاً أن أكثر الاختلاف هو في طريقة النطق بالكلمات مثل: الهمزات؛ هناك من ينطق بها، وهناك من يلغيها، وهناك من يسهلها في لهجات العرب، وغير ذلك.

  ونوع آخر من الاختلاف مثل: بعض الحروف والحركات؛ فهل يرجع إلى اختلافهم على قراءة الرسم مثل: ملك ومالك، فليس بينهما إلا ألف صغيرة، ومثل: {كونوا أنصاراً لله} نافع، و {كونوا أنصار الله} حفص؛ ليس بينهما شيء إلا بعد وجود التنوين وإلا فالأحرف متشابهة، وإنما في الأولى أتبعنا الألف الكلمة الأولى، وفي الثانية أتبعناه الكلمة الثانية.

  أوضحوا لي الأمر فإنه يقلقني كثيراً، وأريد أن أستأصل قلقي من جذوره، وأنتم خير جَرَّاح لهذه الأمراض، وجزاكم الله خيري الدارين.

  الجواب:

  القراءات السبع كلها متواترة عن النبي ÷، وإنما لم يجعلها العلماء عشراً للاختلاف في تواتر الثلاث دون السبع.

  وكل واحد من الرواة قرأ بالقراءة المتوافقة مع لغته ولهجته العربية؛ فالذي يُميل الألف إلى الياء لا يستطيع أن يقرأ بلغة من لا يميل، ومن يخفف الهمزة بالتسهيل لا يطاوعه لسانه على القراءة بلغة من يحققها، ومن يخففها بالنقل لا يستطيع أن يقرأ على لغة من لا يخففها بالنقل، والعكس.