كتاب التوحيد
  وقد يتفضل سبحانه وتعالى على من علم من حاله أنه سينيب إلى ربه، ويقبل على طاعة خالقه: {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ٢١}[الحديد].
[الإنسان مفطور على الإقبال إلى الله]
  وقد ذكر الله تعالى في القرآن كثيراً أنه أعطى عباده السمع والأبصار والأفئدة لعلهم يشكرون، كرر الله تعالى هذا في كتابه الكريم في مواضع كثيرة، وعلى هذا فكل مكلف على وجه الكرة الأرضية عنده من فطرة العقل والسمع والبصر ما يكفي للإقبال إلى الله وقبول أمره، ونيل ما عنده من الخير العظيم، إلا أن الفطرة بلا شك تتأثر وتخف حدتها لأسباب:
  ١ - تربية الأبوين، فإن فطرة الولد تصطدم بتوجيه الأبوين ودينهما وسلوكهما، فإنها في أول الأمر تحاول أن تصل إلى مطلوبها بالنظر والتفكير، فتصادفها عقبات من توجيه الأبوين وسلوكهما ودينهما، فيخف نظرها، وتقل حدتها إلى أن تستلم لما يحيط بها من دين الأبوين وتوجيهاتهما، ثم لما يحيط بها بعد ذلك من دين المجتمع وسلوكه.
  والدليل على ما ذكرنا من أمر الفطرة: ما نراه في أبنائنا فإن الابن إذا وصل إلى سن معينة يكثر الأسئلة لأمه ولأبيه بما معناه:
  من هو الذي خلقني؟ من هو الذي صنع البيت؟
  ومن هو الذي صنع الشمس؟ من هو الذي خلق الشجرة؟
  من أين جئت؟ وكيف حدث هذا؟
  وأنت من أين جئت؟ وكيف حصل ذلك؟ ومن هو الذي فعل ذلك؟ وكيف استطاع أن يفعل ذلك؟
  وإلى آخر ما عند فطر الأطفال من الطلب الحاث للوصول إلى الحق والحقيقة.
  وأخيراً يقبل الابن دين الأبوين لثقته فيهما، أو أنه يضطر لقبول الواقع الذي