كتاب التوحيد
  ولعلك قد عرفت بما ذكرنا أن المجتمعات والبيئات لا تؤثر على أحكام فطر العقول، وأن أحكامها هي الأحكام اليقينية في جميع الأحوال والظروف.
  وبعد، فنقول: إن نشوء المكلف بين أبوين صالحين، وفي مجتمع صالح - نعمة من الله وفضل، تستدعي المزيد من الشكر؛ لما فيها من تيسر الهدى للمكلف.
قدرات فطرة العقل
  لفطرة العقل قدرات هائلة عند كل مكلف في مجال معرفة الله، ومجال معرفة الحق والباطل، والتمييز بين الهدى والضلال، ولا يختلف ذلك في هذا المجال بين العالم والجاهل، والقارئ والأمي، والبدوي والحضري، والرجل والمرأة و ... إلخ.
  ودليل ذلك: أن الله تعالى هو الذي فطر العقول والسمع والبصر وهو العليم الحكيم، وقد كلف جميع المكلفين بالإيمان به ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ ...}[النساء: ٤٨].
  فعلمنا أن كل من له عقل وسمع وبصر عنده من القدرة والاستطاعة ما يعرف به الدين الحق، وما به يعرف بطلان الباطل والضلال.
الوصول إلى الإيمان
  وبعد، فوصول فطرة العقل إلى الإيمان بالله تعالى متيسر، وقد أرسل الله تعالى إلى الناس رسلاً يدعونهم إلى الإيمان، ولا شك أن كل مكلف قد سمع بدعوة الرسل إلى الإيمان.
  فإذا سمع المكلف هذه الدعوة فلا يحتاج كثير عناء في النظر؛ لأن عنده ما ينظر فيه في نفسه، وفيما حوله من المخلوقات.
[هل اختلاف الطبائع ينافي التكليف]
  إن قيل: نرى طبائع المكلفين مختلفة، فمنهم من طبيعته شريرة يميل مع الشر حيث مال، وينفر من الخير ويبتعد عنه.
  ومنهم من طبيعته تميل إلى الخير وتكره الشر وتنفر عنه، وتماماً كما نجده من