من ثمار العلم والحكمة فتاوى وفوائد،

محمد بن عبد الله عوض المؤيدي (معاصر)

قسم أصول الدين

صفحة 70 - الجزء 3

  ٣ - العاقل إذا نظر وتحرى فإن عقله لا يطمئن ولا يسكن إلا إذا وقف على الحق الواضح، ولا يقتنع إلا إذا انكشف له شخصيته وتحقق من هويته، أما قبل الوصول إلى ذلك فإن العقل لا يقتنع ولا يقبل ما ليس بحق ولا يستجيب له، ولا يرضى به.

  وإذا قبل بغير الحق ومال إليه فإنما يكون بدافع الهوى وشهوة النفس، لا باقتناع من العقل وتحقق منه لما مال إليه.

  وإذا كان الأمر كذلك فلا يكون وقوع المكلف في اعتقاد الباطل في معرفة الله مما يعفى عنه.

  جعل الله تعالى لعباده العقول وركزها فيهم ليعرفوا بها ربهم ويشكروه، {وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ٧٨}⁣[النحل]، بل ما خلق الله الجن والإنس وركز فيهم العقول إلا ليعبدوه، ولا تتأتى العبادة لله إلا بعد معرفته.

  ٤ - وإذا كان الغرض والحكمة من خلق الجن والإنس بما فيهم من الأسماع والأبصار والعقول هو معرفة الله وشكره وعبادته، فلا بد على مقتضى حكمة الله وعلمه وعدله أن يكون لكل مكلف من العقل والإدراك والتمييز ما يوصله إلى المطلوب من العلم بالله، وبما له من العظمة والجلال والكمال، وبما تقدس عنه وتنزه من النقص ومشابهة المحدثات ومجانستها وفعل القبيح ... الخ.

  ٥ - يؤيد ما ذكرنا ويدل عليه: قوله تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ٧ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا ٨}⁣[الشمس]، وقوله تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ٨ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ٩ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ١٠}⁣[البلد]، وقال تعالى يخاطب الجاهلين به: {... أَفَلَا تَعْقِلُونَ ٤٤}⁣[البقرة]، {... أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ٣}⁣[يونس]، فدل ذلك على أن الله تعالى ألهم كل مكلف بما ركز له من فطرة العقل التمييز بين الفجور